مستندات التعقيب ضد قرار إستئنافي قاض برفض الإستئناف شكلا لعدم ذكر عبارة في شخص ممثلها القانوني لذات معنويةفي تبليغ مستندات الطعن
عندما تبالغ المحكمة بشكل غير متزن في تتبع أخطاء المحامين لتبلغ بها المبالغة إلى حد محاسبته على أخطاء مادية لا ضير منها فأن ذلك لا يمكن قبوله بالنظر و أن لسان الدفاع لا يعدو أن يكون غير مساعد للقضاء و أحد جناح العدالة وهذه القضية تتنزل في هذا الإطار و حمد لله أن محكمة القانون تتدخل دائما لإيضاح الحدود و الضوابط بين ما هو خلل شكلي و بين ماهو خطأ مادي على المحكمة أن تتجاوزه و تهتم في أصل المنازعة.
المعروض على جناب السيد الرئيس الأول
لمحكمة التعقيب بتونس ما يلي:
حيث عقبت المنوبة الحكم الإستئنافي الصادر في القضية التجارية عـ29239ـدد عن الصادر بتاريخ 05 فيفري 2009عن الدائرة المدنية بمحكمة الإستئناف بالمنستير و القاضي نهائيا " برفض الإستئناف الإستئناف شكلا و تخطية المستأنفة بالمال المؤمن و حمل المصاريف القانونية عليها"
1
- من حيث الشكل:حيث قدم مطلب التعقيب في الأجل القانوني و ممن له الصفة و إستوفى جميع أوضاعه و صيغه القانونية لذا إتجه قبوله من هذه الناحية.
2. من حيث الأصل:I
. في الوقائع و الإجراءات:حيث قامت المعقب ضدها لدى المحكمة الإبتدائية بالمنستير عارضة أن تولت التفويت في مجموعة من التجهيزات المعدة للتنشيط الموسيقي بالملهى الليلي لنزل …. التابع للمنوبة مضمنة بفاتورتين و بثمن قدره عشرين ألف و تسعمائة و سبعة و ثلاثين دينارا و مليـ776ـات (20937.776 دينارا) و تم الإتفاق على موعد الخلاص إلا أن المنوبة حسب زعمها ظلت تتلدد في الخلاص على الرغم من التنبيه عليها بواسطة العدل المنفذ طالبا إلزامها بأداء قيمة التجهيزات.
و حيث ردت المنوبة بواسطة نائبها بأن العلاقة التي تجمعها بالمدعية لا تعدو أن تكون علاقة مقاولة و ذلك بأن تتولى المدعية إصلاح عطب طال مضخمات صوت العلبة الليلية التابعة لها إلا أنها باتت تأتي بمعدات و تجهيزات دون التمكن من إصلاح العطب مما حدا بها الإلتجاء إلى شركة أخرى مما جعل المدعية تطالب بقيمة التجهيزات التي لم تقتنيها المنوبة و لم تحقق القصد منها.
و حيث لم تجار محكمة البداية المنوبة و قضت "المحكمة إبتدائيا بإلزام المدعى عليها في شخص ممثلها القانوني بأن تؤدي للمدعية عشرين ألفا و تسعمائة و سبعة و ثلاثين دينارا و مليـ660ـات ( 20937.776 د) و واحد و تسعين دينارا و مليـ660ـات (91.660د) أجرة محضري المعاينة عـ888ـدد و عـ3178ـدد و بتغريمها لفائدتها بـثلاثمائة دينارا (300.000 د) لقاء أتعاب التقاضي و أجرة المحاماة و بحمل المصاريف القانونية عليها".
و حيث إستأنفت المنوبة الحكم الإبتدائي لدى محكمة القرار المطعون فيه، ناعية عليه سوء تطبيقها للقانون و تحريف الوقائع بتحريف إرادة الطرفين بإعتبار أن العقد الرابط بينهما هو عقد بيع الخيار إلا أن محكمة الدرجة الثانية قضت بما سلف بيانه.
II
. في القانون:حيث بإعتبار محكمة القرار المطعون فيه الطعن مرفوضا شكلا تكون قد خالفت القانون (المطعن الأول) وضعيف التعليل و التسبيب ( المطعن الثاني).
المطعن الأول سوء تطبيق القانون لخرق أحكام الفصول 5 من م إ ع و 19و 130 من م م م ت:حيث إعتمدت محكمة القرار المخدوش فيه على عدم التنصيص على عبارة " في شخص ممثلها القانوني" لتنتهي إلى رفض الإستئناف شكلا بمقولة أن الذوات المعنوية المنزلة منزلة الصغير قانونا لا يجوز لها مباشرة التعاقد و من باب أولى و الأحرى التقاضي إلا بواسطة من له النظر عليهم" مضيفة من أن" شرط الأهلية واجب لتوفر الأهلية عملا بأحكام الفصل 19 من م م م ت" و في ذلك خرق بيّن لهذين الفصلين و بيان ذلك كما يلي:
أ-خرق أحكام الفصل 5 من مجلة الإلتزامات و العقود:حيث إستندت محكمة الدرجة الثانية على أحكام الفصل 5 من م إ ع لتقضي برفض الاستئناف شكلا بمقولة أن الذوات المعنوية المنزلة منزلة الصغير قانونا لا يجوز لها مباشرة التعاقد و من باب أولى و الأحرى التقاضي إلا بواسطة من له النظر عليهم".
و حيث لا يستقيم هذا التمشي الذي يخلط بين أهلية التقاضي و بين أهلية التعاقد والتي هي قدرة شخص للتمتع بالحقوق و تحمل واجبات التي يقررها القانون، فأهلية التعاقد المنصوص عليها بالفصل 5 م ا ع مستقلة تمام الاستقلال عن موجبات الإستئناف المذكورة ضمن الفصل 130 من م م م ت .
و حيث أن الفصل 5 من م إ ع يتعلق بالتعاقد و يهدف إلى حماية ذوي الأهلية المنعدمة أو الناقصة ويندرج في إطار القواعد الموضوعية في حين أن الطعن المرفوع من قبل نائب المنوبة بعد أن تولى تحديد شكلها و مقرها و بيان سجلها القانوني وعددها الجبائي بعريضة الطعن فهو أمر يندرج في إطار القواعد الإجرائية (تحديدا الفصلين 19 و130 م م م ت) ولا يمكن سحب أحكام الفصل 5 عليه فضلا عن اعتماده كسند لتعليل الرفض شكلا .
وحيث أن المنوبة لم تسع للطعن بمفردها ودون الاستعانة بمحام حتى يقع التمسك في مواجهتها بأحكام الفصل 5 من م ا ع هذا على فرض تعلق الفصل المذكور بأهلية التقاضي إلى جانب أهلية التعاقد.
و حيث انه من جهة أخرى فإن إنابة محام عن المنوبة بالطور الثاني يجعلها ممثلة كما يجب قانونا طالما نص الفصل 2 من قانون عـ87ـدد لسنة 1989 مؤرخ في 07 سبتمبر 1989 و المتعلق بتنظيم مهنته المحاماة على أن " المحامي ينوب الأشخاص و الذوات المعنوية و يساعدهم و يدافع عنهم لدى جميع الهيئات القضائية و الإدارية و التأديبية و يقدم الإستشارات القانونية" .
ب- خرق أحكام الفصل 19 من م م م ت:حيث أسست محكمة القرار المطعون قرارها بالرفض شكلا بالاعتماد على أحكام الفصل 19 م م م ت وكأن المنوبة ليست لها أهلية التقاضي.
حيث لما كانت الأهلية شرط لانعقاد الخصومة و ليست شرطا من شروط القيام ضرورة أن الفصل 19 اقتضى أن" غير أنه إذا كان شرط الأهلية مقيدة هو المختل عند القيام فإن تلافيه أثناء القضية يصحح الدعوى.." فإن الطعن هو مرحلة من مراحل الخصومة التي إنعقدت في الطور الإبتدائي و لا تنعقد إلا بين أطراف لهم الأهلية و بما أن للإستئناف مفعول إنتقالي فإن الخصومة تنتقل بكاملها إلى محكمة الإستئناف و بالتالي فإن أهلية المنوبة في القيام و في الإختصام ثابتة منذ الطور الأول بما يجعلها كذلك عند الطور الثاني طالما لم يطرأ أي تغيير بسجلها التجاري كإنعدام شخصيتها القانونية أو إنحلالها بمقتضى التصفية و غيرها من حالات التي تنفي عنها الأهلية أو الصفة.
وحيث أن عدم التنصيص على عبارة في شخص ممثلها القانوني لا يعني بالمرة أن المنوبة ليس لها أهلية التقاضي ولا يمكن بالتالي الاستنجاد بأحكام الفصل 19 م م م ت لرفض الاستئناف شكلا.
و هو ما كرسته محكمة الجناب بدوائرها المجتمعة بشكل مستقر إذ قضت بأنه"لا مجال للتمسك بأحكام الفصل 19 في صورة غياب عبارة الممثل القانوني للذات المعنوية بالعريضة طالما أن القيام في حقها كشركة تجارية كان من طرف محام الذي له صفة تمثيلها و بإعتبار أن العلاقة بين المحامي و موكلته لا تهم إلا الطرفين شخصيا
و بالتالي لا يمكن لغير الممثل القانوني للذات المعنوية المنازعة بشأن صحتها" لطفا يراجع قرار تعقيبي مدني عـ45600ـددصادر عن الدوائر المجتمعة مؤرخ في 16 مارس 1995 منشور في نشرية محكمة التعقيب دوائر المجتمعة لسنتي 1994 و 1995 ص 20*** " تقديم مطلب إستئناف من طرف المحامي في حق شركة تجارية يعتبر قانونيا دون حاجة لأن يذكر أنه مكلف بنيابتها من طرف ممثلها القانوني لأن مجرد إعلان نيابته عنها هو تأكيد لكونه مكلفا منها طالما لم تنازع المعنية بالأمر بواسطة من له النظر عليها في نيابته عنها حسب الفصل 1118 من م إ ع.." ق ت م عـ46016ـدد مؤرخ في 16 مارس 1995ن محكمة التعقيب 1995 ص 30 يراجع كذلك قرارات محكمة الجناب عدد 4536 و 45437 و 45438 و 45440 و 46016 صادرة جميعا بتاريـــــــخ 16/03/1995 .).
ج-خرق أحكام الفصل 130 من م م م ت:حيث قضت محكمة القرار المطعون فيه برفض الإستئناف شكلا .
و حيث أن الرفض شكلا كجزاء لا يمكن توقيعه إلا إذا نص المشرع على ذلك.
و حيث أن الفصول 130 إلى 151 هي التي نظمت الإستئناف و إجراءات و سير إجراءاته ، إلا أنه بالإطلاع عليها لا نجد البيانات التي يجب أن تتضمنها عريضة الطعن و لا الجزاء المترتب عن إخلال ببعض البيانات و مرد ذلك أن المشرع أحالنا إلى الإجراءات المتبعة لدى المحكمة الإبتدائية فيما سكتت عنه الفصول المنظمة للإستئناف وهو ما إقتضاه الفصل 140 من م م م ت و طالما لم يبين المشرع البيانات الواجب تضمينها بعريضة الإستئناف أو محضر تبليغ مستندات فلا بد من الرجوع إلى الفصول المنظمة لذلك أمام المحكمة الإبتدائية و خاصة الفصل 70 من نفس المجلة.
و حيث أن الإخلال ببيانات الفصل 70 لا يترتب عليها جزاء البطلان إلا أذا ما وقع المساس بالبيانات المتعلقة بالمدعى عليه و ليس المدعي وهو ما أكدته أحكام الفصل 71 من م م م ت.
و حيث أنه ترتيبا على ذلك فلا وجود لأي جزاء عند الإخلال ببيانات المتعلقة بالمستأنف مثلما هو الشأن بالنسبة للمنوبة في قضية الحال و تكون بذلك محكمة القرار المطعون فيه قد قضت برفض الإستئناف شكلا دون أي أساس قانوني مما يتجه معه نقض قرارها لهذا السبب.
المطعن الثاني سوء التعليل و ضعف التسبيب:حيث لما قضت محكمة القرار المنتقد برفض إستئناف شكلا مستندة على أحكام الفصل 19 من م م م ت لتؤكد إنتفاء الأهلية لدى المنوبة بعدم ذكر نائبها عبارة "في شخص ممثلها القانوني يجعل السند يخالف النتيجة إذ بإثارة الفصل 19 تكون قد أثارت عيب في القيام و الذي يؤدي إلى قبول إستئناف شكلا و رفضه أصلا و لكن برفض الطعن شكلا تكون قد تبنت البطلان كجزاء دون سند من القانون .
و حيث و فضلا على ذلك، لم تحدد محكمة الدرجة الثانية طبيعة الإخلال إن كان يهم النظام العام أو مصلحة الخصوم و مع ذلك فإن عدم ذكر عبارة "في شخص ممثلها القانوني" لا يمكن أن تمس بالإجراءات الأساسية المتعلقة بالتنظيم القضائي و بالإختصاص و إجراءات التبليغ أما ما يتعلق بمصلحة الخصوم فلا يهم النظام العام و لا يترتب عليه بطلان الإجراء إلا متى نتج عنه ضرر للمتمسك به عملا بأحكام الفقرة الثانية من الفصل 14 من م م م ت في حين قد زال البطلان على فرض وجوده بحضور المستأنف ضدها طبقا للفصول 130 و 134 و 70 و 71 من م م م ت.
و حيث أن تأرجح محكمة القرار المطعون فيه بين الجزاء و السند القانوني يجعل قضاءها متسما بضعف التعليل و القصور في التسبيب مما يتجه لهذا السبب نقضه أيضا.
و حيث أضحى من الثابت أن الحكم المطعون فيه لم يكن في طريقه و أتجه و الحالة تلك نقضـــــه و إرجاع القضية إلى محكمة الإستئناف بالمنستير لإعادة النظر فيها مجددا بهيئة أخرى.
و قد تم نقض هذا القرار تعقيبيا و إحالة القضية على محكمة الإستئناف بالمنستير للنظر فيها بهيئة أخرى