الجمعية التونسية لقانون التأمين
ملتقى حول التأمين تقييم وآفاق
قاعة المؤتمرات بمعهد رؤساء المؤسسات العربية
بضفاف البحيرة تونــــــــــــــس
التأمين وأقساطه وخدماتـــــه
في قوانين المنافسة والأسعار
الأستاذ عبداللطيف مامغلي المحامي
1 ــ التجارة كانت منذ القدم تحتل موقعا متميزا في معظم المجتمعات إن لم نقل في جميعها، وأضحت بحكم العولمة بمختلف أنواعها وأشكالها قلبها النابض إلى حد أن التشاريع أصبحت تعنى بها أكثر فأكثر سعيا وراء ما يوفر لها أسباب الازدهار و الدوام . ومن أهم هذه الأسباب حرية التجارة وحرية الأسعار وحرية وحماية المنافسة كل ذلك مع الحرص على حماية المستهلك.
هذا ولا يخفى أن المشرع في بلادنا انتهج هو أيضا ذلك النهج خصوصا منذ إصداره القانون عدد 64 لسنة 1991 المؤرخ في 29 جويليا 1991 و المتعلق بالمنافسة و الأسعار.
ولكن توجه المشرع في ذلك التاريخ لئن لم يكن في معزل عما أصدرته التشاريع الأوروبية في هذا الميدان ونذكر بالخصوص المرسوم الفرنسي عدد 1243 لسنة 1986 المؤرخ في غرة ديسمبر 1983 والمتعلق بحرية الأسعار و بالمنافسة، فإن له جذورا تاريحية عريقة في المجتمعات الإسلامية و بالتحديد في مؤسسة والي الحسبة الذي كانت له عديد الصلاحيات للنهي على المنكرات وزجرها عند الاقتضاء ومنها بالخصوص غش المبيعات وتدليس الأثمان ( أنظر عبدالرحمان بن خلدون ــ المقدمة . تحقيق علي عبدالواحد وافي. ج 2 . ص 611 . مكتبة الأسرة 2006 . وأنظر أيضا عبد الغني بيوني عبدالله، نظرية الدولة في الإسلام. الدار الجامعية بيروت . طبعة 1986 ص 289)، وله جذور أيضا في مؤسسة " الأمين في مختلف الحرف وأصناف التجارة في بلادنا مثل أمين الشواشية في صناعة وتجارة الشاشية وأمين الحرايرية في صناعة وتجارة الحرير وأمين البركة ( بكسر الباء وسكون الراء) وهي سوق تجارة المصوغ وغيرهم من الأمناء في مختلف الحرف.
وتجدر الملاحظة بالخصوص أن ابن خلدون قد تحدث في مقدمته عن التجارة والأسعار والاحتكار و الغش في البيع وخلق التجار بما توفره للناس من رفاه، وألفت النظر للسلبيات التي تنجر عن احتكار السوق وعن هيمنة هذا أو ذاك فيها وكذلك عن مضار ممارسة صاحب السلطان للتجارة ( أنظر عبدالرحمان بن خلدون . المرجع السابق ص 849 وما بعدها) .
أ ــ هذا كله مع التذكير بكون مجلة الالتزامات و العقود الصادر بها الأمر العلي المؤرخ في 15 ديسمبر1906 قد تصدت إلى مسألة المزاحمة غير المشروعة بين التجار في الفصول 90 ــ 91 ــ 92.
ب ــ كالتذكير بأن الفصل 294 من المجلة الجنائية التي أصدرها المشرع في 9 جويليا 1913 تعاقب بالسجن والخطية من يعمد إلى غش المشتري في طبيعة المبيع أو في كميته أو صفته وفي تسليم المشترى شيئا غير الشيء المحقق و المعين الذي اشتراه.
ج ــ وكذلك الأمر فيما يتعلق بالأمر العلي المؤرخ في 10 أكتوبر 1919 و المتعلق بزجر الغش ، فهو يعاقب الغش العمد بعقوبات الجنح بالسجن و الخطية كما يعاقب بيع السلع الفاسدة عن غير سوء نية بخطية فقط باعتباره مخالفة ، وهو نص ساري المفعول إلى تاريخ اليوم رغم صدور القانون عدد 117 لسنة 1992 و المتعلق بحماية المستهلك إذ أنه ينص في فصله 50 على بقاء الأمر المؤرخ في 10 أكتوبر 1919 ساري المفعول فيما لا يتعارض مع أحكامه.
د ــ و القانون عدد 26 لسنة 1970 المؤرخ في 19 ماي 1970 و المتعلق بإجراءات ضبط الأسعار وزجر المخالفات في المادة الاقتصادية، وما تبعه من تدابير تطبيقية.
2 ــ وهكذا فان قوانين المنافسة والأسعار الصادرة في بلادنا منذ سنة 1991 ليست بدعة، وهي تتمثل:
ــ في القانون عدد 64 لسنة 1991 المؤرخ في 29 جويليا 1991 و المتعلق بإرساء مبدإ حرية المنافسة وحرية الأسعار .
ــ والأمر التطبيقي له عدد 1996 لسنة 1991 المؤرخ في 23 ديسمبر 1991 والواقع تنقيحه على التوالي بالأمر عدد 59 لسنة 1993 المؤرخ في 11 جانفي 1993 وبالأمر عدد 1142 لسنة 1995 المؤرخ في 28 جوان 1995 وهي أوامر تتعلق باستثناء قائمة منتوجات وخدمات من نظام حرية الاسعار، وجعل تلك المنتوجات والخدمات خاضعة إما لنظام المصادقة الإدارية السابقة وهي عبارة على تسعيرة سابقة لمرحلة التسويق، وهذا مثل الخبز و السكر المدعوم والأدوية إلخ ...... والخدمات الطبية ونقل المسافرين وخدمات المواني إلخ....... وإما لنظام المصادقة في مرحلة الإنتاج مثل الملح وحديد البناء، وإما كذلك إلى نظام تأطير نسب الأرباح في مرحلة التوزيع مثل البطاطا و الطماطم و الدواجن و البيض والإسمنت الأبيض إلخ....
ــ هذا وتجدر الملاحظة أن القانون عدد 64 لسنة 1991 قد عقبه القانون عدد 42 لسنة 1995 المؤرخ في 24 أفريل 1995 الذي نقحه وتممه.
ــ ثم صدر قانون آخر نقحه وتممه أيضا وهو القانون عدد 41 لسنة 1999 المؤرخ في 10 ماي 1999.
ــ وأخيرا القانون عدد 74 لسنة 2003 المؤرخ في 11 نوفمبر 2003 الذي نقحه وتممه هو الآخر.
3 ــ وتلاحق النصوص المتعلق بالمنافسة والأسعار السابقة الذكر تقوم دليلا على اهتمام المشرع بهما وعلى حيوية السوق فيهما.
أ ــ ولندرك ماهية الإشكالية التي حاول المشرع معالجتها يحسن أن نتبين ذلك ولو في عجالة من خلال الفصل الخامس من القانون عدد 64 لسنة 1991 كيفما تم تنقيحه بمقتضى القانون عدد 41 لسنة 1999، و الذي ينص على عدة تحاجير منها:
ــ الأعمال والاتفاقات الصريحة أو الضمنية والرامية الى منع تطبيق قواعد المنافسة في السوق...
ــ عرقلة تحديد الأسعار حسب السير الطبيعي لقاعدة العرض و الطلب.
ــ الاستغلال المفرط لمركزهيمنة على السوق الداخلية أو على جزء هام منها...
ــ ويمكن أن تتمثل حالات الاستغلال المفرط لوضعية هيمنة أو حالة تبعية اقتصادية خاصة في الامتناع عن البيع أو الشراء أو تعاطي بيوعات أو شراءات مشروطة...
ويبرز من هذا العرض الجزئي لأحكام الفصل الخامس المذكور أن اهتمام المشرع منصب على توفير أسباب حرية المنافسة في السوق ومقاومة الهيمنة عليها، ومنصب أيضا على السعي للوصول الى تحديد الأسعار حسب السير الطبيعي لقاعدة العرض و الطلب.
ب ــ ولا يخفى أن تلك التحاجير استوجبت من المشرع أن يتخذ تدابير أخرى زجرية لعقاب المخالفين، وهي تتمثل أساسا في غرامات مالية تسلطها عليهم لجنة المنافسة طبقا للفصل 34 من قانون 1991 وكذلك عقوبات بالسجن و خطايا مالية مختلفة طبق الفصلين 36 ــ 42 من نفس القانون و الفصول 34 ( جديد) ــ 38 جديد ــ 43 جديد من نفس القانون أيضا كما تم تنقيحه بالقانون الصادر 10 ماي 1999، هذا كله إضافة إلى قرارات إدارية في إغلاق المؤسسة.
3 ــ ثم ولئن كانت أهداف قانون المنافسة المذكور واضحة كيفما سبق استعراضها في خصوص حرية المنافسة وحماية السوق وفي خصوص خضوع الأسعار مبدئيا لما تسفر عنه قواعد العرض و الطلب، فالسؤال المطروح على الساحة في قطاع التأمين وكذلك لدى المحاكم هو هل أن التدابير التي ينص عليها القانون عدد 64 لسنة 1991. السابق الذكر و النصوص المنقحة والمتممة له، هي تدابير تطبق على مؤسسات التأمين وعلى علاقات بعضها ببعض وعلى المنافسة بينها وعلى علاقاتها مع المؤمن لهم بوجه عام ومع طالبي الخدمات التأمينية منها. أم أن كل ذلك لا يهم قطاع التأمين في شيء باعتباره قطاعا ذا خصوصيات تجعله في معزل عن قوانين المنافسة والأسعار المنطبقة على المعاملات العادية في التجارة و الخدمات.
أ ــ وتجدر الملاحظة في هذا الشأن أن وزارة التجارة تعتبر القانون عدد 64 لسنة 1991 ينسحب على قطاع التأمين، وهو ما جعلها تطالب بتطبيق نصوصه الزجرية على مرتكبي المخافات له في قطاع التأمين .
ب ــ ولذا فإنه يجب النظر في القول بانسحاب القانون عدد 64 لسنة 1991 و القوانين المنقحة له، على قطاع التأمين ثم النظر في القول بعدم انسحابه على مؤسسات التأمين، والترجيح بين هذا وذاك عند الاقتضاء.
أولا ــ وجهة النظر التي تقول بانسحاب القانــــــــــــــــون
عدد 64 لسنة 1991 المؤرخ في 29 جويليا 1999
والمتعلق بالمنافسة والأسعار على قطاع التأميـــــن
1 ــ إن هذا القانون و النصوص المنقحة و المتممة له التي تم استعراضها أعلاه تهدف كما سبق ذكره وطبقا لما نص عليه الفصلان الأول و الثاني منه لتنظيم حرية المنافسة، وهذا طبعا بغية تكريسها في السوق، وتهدف كذلك لجعل أسعار المواد و المنتوجات و الخدمات تحدد بكل حرية اعتمادا على المنافسة الحرة، وتهدف من جهة أخرى الى مقاومة الامتناع عن البيع و الخدمات كمقاومة اشتراط بيع مواد ومنتوجات أخرى مع المواد والمنتوجات المطلوبة واشتراط خدمات أخرى مع الخدمات موضوع الطلب.
2 ــ ولا يخفى أن سوق التأمين يمكن أن تستهدف لممارسات غايتها الهيمنة عليها أو على جانب منها ( le marché de l’assurance est un terrain favorable aux différentes actions et ententes qui visent ou empêchent le jeu de la concurrence sur le marché. Jawida Guiga . « le Droit de la Concurrence et l’Assurance. (Conférence donnée dans le cadre de l’Association Tunisienne du Droit des Assurances, à l’Hôtel Africa en juin 1999).
سيما وأن الاتفاقات بين شركات التأمين يحتمل وقوعها صراحة أو ضمنيا كما ظهر للعيان مثلا من خلال اتخاذها نفس الموقف الرافض لتأمين عربات الأجرة و العربات ذات عجلتين.
وقد تفاقمت تلك الظاهرة وتكاثرت تشكيات طالبي التأمين في الصحافة وفي غير الصحافة من سلوكات بعض أعوان مؤسسات التأمين التي ــ في خصوص بعض أصناف العربات ــ ترفض الاستجابة لطلبات إبرام عقود في نطاق التأمين الوجوبي للمسؤولية المدنية المترتبة عن بعض أصناف العربات البرية ذات محرك.
أ ــ وقد ظهر هذا الرفض للوجود في ظل القانون عدد 60 لسنة 1960 المؤرخ في 30 نوفمبر 1960 و الذي قنن لإلزامية التأمين في تلك المسؤولية. وظهر معه في نفس الفترة التأمين المشروط و المتمثل في تعليق الاستجابة لطلب تأمين المسؤولية المدنية المذكورة على قبول طالب التأمين أن يتعاقد مع شركة التأمين في ضمانات أخرى مثل ضمان خطر حريق السيارة أو خطر سرقتها أو ضمان الأشخاص المنقولين على متن العربة إلخ...
ب ــ وهو تصرف له مبرراته الفنية، إذ أن شركات التأمين أصيبت بعجز خطير ومتراكم على امتداد عديد السنوات في خصوص ضمان المسؤولية المدنية الناتجة عن العربات البرية ذات محرك، فهو لا يهدف للكسب، وإنما يهدف لتدارك ذلك العجز بواسطة الفواضل الدائنة في الضمانات الأخرى مثل الحريق والسرقة وغيرها من الضمانات التي تشترط على طالب التأمين أن يقبل إضافة تلك الضمانات التي لم يطلبها إلى موضوع طلبه قبل الاستجابة له.
ج ــ هذا وما حصل في ظل القانون الإلزامي السابق الذكر عدد 21 لسنة 1960 المؤرخ في 30 نوفمبر 1960 حصل أيضا في ظل التشريع الجديد الذي جاء به القانون عدد 86 لسنة 2005 المؤرخ في 15 أوت 2005 و الذي أدرج في مجلة التأمين عنوانا خامسا يتعلق بتأمين المسؤولية المدنية الناتجة عن اسستعمال العربات البرية ذات محرك وبنظام التعويض عن الاضرار اللاحقة بالأشخاص في حوادث المرور .
ذلك أن الفصل 110 من مجلة التأمين فرض على أصحاب العربات تأمين مسؤوليتهم، كما فرض الفصل 112 من نفس المجلة من جهته على شركات التأمين الاستجابة لطلبات تأمين تلك المسؤولية بقوله في فقرته الأولى : " على مؤسسات التأمين المرخص لها في تعاطي تأمين المسؤولية المدنية الناتجة عن استعمال العربات البرية ذات محرك توفير هذا التأمين لفائدة الأشخاص المشار إليهم بالفصل 110 من هذه المجلة........ إلى آخر النص.".
3 ــ ثم ولئن كان لشركات التأمين عذر فني لرفض تأمين المسؤولية المدنية الناتجة عن بعض أصناف العربات البرية ذات محرك أو لاشتراط تأمين ضمانات أخرى، فإن قانون المنافسة والأسعار الصادر في 29 جويليا 1991 لا يذكر تلك الأعذار المأخوذة من العجز الذي ظهر في موازنات شركات التأمين ولا يعتمدها كمبرر لاستثناء منتوجاتها وخدماتها وتصرفاتها في السوق على صعيد المنافسة من تطبيق أحكامه، ذلك أن هذا القانون يقاوم الممارسات المخلة بالمنافسة في فصله الخامس السابق استعراضه ويقاوم في فصله 24 الأعمال الاحتكارية وما ينجر عنها من مخالفات الامتناع عن البيع أو الخدمة ومخالفات البيع أو الخدمة المشروطة، وذلك بقوله: "يحجر الامتناع عن بيع مواد أو منتوجات للمستهلك أو إسداء خدمة له طالما أن طلباته لا تكتسي صبغة غير عادية أو أن المنتوجات أو الخدمات موضوع تلك الطلبات لا تخضع لتراتيب خاصة".
ويضيف هذا النص قوله: " كما يحجر اشتراط البيع باشتراء كمية مفروضة أو بالاشتراء في الوقت نفسه مواد أو منتوجات أو خدمات أخرى ويحجر كذلك اشتراط إسداء خدمة بإسداء خدمة أخرى أو باشتراء مادة أو منتوج" . هذا من حيث المنع الصريح، وهو ما يؤكده الفصل 29 من نفس القانون بالنسبة لكل تاجر أو صناعي أو حرفي وكذلك بالنسبة لكل مسدي خدمات علما وأن شركات التأمين هي بلا جدال مسدية خدمات.
2 ــ هذا كله من حيث المنع فالنص مطلق لا يميز شركات التأمين على غيرها من مسديي الخدمات. وكذلك في خصوص التتبعات و العقوبات فإن نفس القانون عدد 64 لسنة 1991 المؤرخ في 27 جويليا 1991 السابق الذكر كيفما تم تنقيحه وإتمامه:
أ ــ وفعلا فإن الفصل 34 منه كيفما ورد في تنقيح 10 ماي 1999 بالقانون عدد 41 لسنة 1999خصص عقوبة تتمثل في خطية يسلطها مجلس المنافسة على المخالف لا تتجاوز ./.5 من رقم المعاملات الذي حققه المتعامل مقترف المخالفات المنصوص عليها بالفصلين 5 و 6 و المتعلقة بالممارسات المخلة بالمنافسة وبتحديد الأسعار طبق طريقة العرض و الطلب وتقاسم الأسواق والاستغلال المفرط لوضعية هيمنة، وكذلك المخالفات المتمثلة في الامتناع عن البيع وفي البيع المشروط.
ــ وإذا كان المخالف من الهيئات أو الذوات التي ليست له رقم معاملات ذاتي ، تكون العقوبة بخطية مالية تتراوح بين 1000 و 50000 دينار وذلك بغض النظر عن العقوبة التي يمكن أن تسلط على منظوريها المخالفين لصفة فردية.
ب ــ وتم تخصيص عقوبات بالفصول 37 ــ 38 ــ 39 للمخالفات المتعلقة بالممارسات الاحتكارية وعدم شفافية الأسعار ومنها رفض البيع و البيع المشروط، وذلك بثلاث أصناف خطايا أحدها يتمثل في خطية بين 20 دينارا و 2000 دينار، وثانيهما في خطية بين 50 و 5000 دينار، وثالثها في خطية بين 200د و20000د.
ج ــ وينص الفصل 42 وما بعده على معاقبة مخالفات عديدة من بينها الترفيع غير القانوني في أسعار المنتوجات و الخدمات غير الخاضعة لحرية الأسعارأو تطبيق أسعار غير قانونية في شأنها، وذلك بالسجن لمدة ما بين 16 يوما وثلاثة أشهر وخطية تتراوح بين 50 دينارا و 50000 دينار.
د ــ كل ذلك مع تنصيص القانون على إمكانية إصدار قرارات إدارية أو أحكام عدلية بإغلاق المحل وعلى عقاب المسيرين من رؤساء مديرين عامين ومديرين ووكلاء بنفس الخطايا المذكورة أعلاه.
3 ــ هذا ونظرا لكون كل النصوص المتعلقة بالتحاجير و بالعقوبات لا تستثني قطاع التأمين من المنع و الزجر فإن وزارة التجارة قامت بتتبع من اعتبرتهم مخالفين للقانون عدد 64 لسنة 1991 وذلك جزائيا لدى المحاكم . ومن ذلك القضية الجزائية عدد 2006/1570 التي أحالت فيها نيابة الحق العام على المجلس الجناحي بقابس مسؤولا بفرع إحدى شركات التأمين من أجل مخالفة الفصل 38 من قانون المنافسة عدد 64 لسنة 1991، وذلك نظرا لكونه رفض تأمين المسؤولية المدنية المترتبة عن دراجة نارية تقدم صاحبها بطلب في ذلك الغرض.
وبعد استكمال الأبحاث أصدرت المحكمة حكمها غيابيا تحت عدد 2006/1570 بتاريخ 20/10/2006 قاضيا:" ابتدائيا غيابيا بتخطئة المتهم بألف دينار وحمل المصاريف القانونية عليه".
4 ــ ويبدو من هذا الحكم أن وزارة التجارة وجدت أذنا صاغية في تلك القضية لقراءتها للقانون عدد 64 لسنة 1991 التي تعتبره منطبقا على مؤسسات التأمين.
ــ لكن هذه القراءة تناقضها قراءة أخرى وذلك الحكم الجزائي يناقضه حكمان جزائيان آخران، وهو ما سيكون موضوع المحور الموالي.