قرار تعقيبي مدني عدد 23021
مؤرخ في 7 أفریل 2008
صدر برئاسة السيدة فائزة الزرقاطي
المادة : تأمين.
المراجع : الفصلان 126 و 136 جديد من مجلة التأمين.
المفاتيح : ضرر معنوي، ضرر جمالي، ضرر مهني،
تفسير لغوي.
المبدأ :
* لما تعرض المشرع في الفصلين 126 و 136 جديد من م ت إلى الضرر المعنوي و الجمالي فإنه لم يقصد التعويض عنهما على أساس وحدة الضرر.
* إن الضرر المهني اللاحق بالمتضرر
والمتمثل في العجز الدائم على مقدرته الوظيفية بعد
البرء التام قياسا مع ما آانت عليه قبل إستهدافه
للحادث یبقى عالقا به إلى حد سن تقاعده ویتعين
حينئذ التعویض له عن النقص النهائي في مقدرته
طيلة المدة المهنية المتبقية.
أصدرت محمحكمة التعقيب القرار الآلآتيتي :
2008/1/ بعد الإطلاع على المطلب المقدم يوم 21
من طرف الأستاذ محمد فوزي الدالي.
في حق : شركة التأمين "كومار" في ش.م.ق.
ضد : محمد.
طعنا في الحكم الصادر عن محكمة الإستئناف
2007/12/ بقفصة تحت عدد 9437 بتاريخ 25
القاضي نصه نهائيا بقبول الإستئنافين الأصلي
والعرضي شكلا وفي الأصل بإقرار الحكم الإبتدائي
مع تعديل نصه وذلك بالترفيع في غرم الضرر المادي
المحكوم به إلى 4150 دينار وتخطئة الطاعنة بالمال
المؤمّن وحمل المصاريف القانونية عليها وتغريمها
لفائدة المستأنف ضده ب 250 دينار لقاء أتعاب
التقاضي وأجرة المحاماة.
وعلى الحكم المطعون فيه والأسباب التي إنبنى
عليها ومذكرة مستندات الطعن وبقية الوثائق التي
أوجب الفصل 185 من م.م.م.ت تقديمها.
وعلى ملحوظات النيابة العمومية المؤرخة في
2008/3/25 الرامية إلى طلب قبول مطلب التعقيب
شكلا وفي الأصل بالنقض والإحالة والإستماع إلى
موقف ممثلها بالجلسة.
وعلى بقية الأوراق والمداولة طبق القانون صرّح
بما يلي :
من حيث الشكل :
حيث إستوفى المطلب جميع أوضاعه وصيغته
القانونية المستوجبة بما يتعين قبوله من هذه الناحية.
من حيث الأصل :
حيث تفيد وقائع القضية مثلما أثبتها القرار المنتقد
قيام المعقب ضده لدى ابتدائية توزر تحت عدد 2662
2006 تعرّض إلى حادث مرور /11/ عارضا أنه في 4
قد نتج عنه أضرار عديدة ومختلفة نقل على إثرها إلى
المستشفى ومنح على إثرها راحة قدرها شهر فأحيلت
السائقة على المجلس الجناحي لدى نفس المحكمة
فقضى بإدانتها والتخطئة في القضية عدد 1765
2007 وأنه بذلك يؤسس دعواه على /1/ بتاريخ 19
معنى الفصل 121 وما بعده من م.ت بمقتضى القانون
2005 طالبا /8/ عدد 86 لسنة 2005 المؤرخ في 15
بذلك عرضه على الفحص الطبي لتقدير نسبة العجز
البدني الحاصل لديه وحفظ حقه في التعليق على نتيجة
الاختبار وبعد تتالي نشر القضية اقتضاها سيرها صدر
2007 قضى إبتدائيا بإلزام /6/ عنها حكم بتاريخ 4
المدعى عليها في شخص ممثلها القانوني بأن تؤدي
للمدعي المبالغ التالية :
3609,314 د لقاء الضرر البدني. (1
240,865 د لقاء ضرره المعنوي. (2
240,865 د لقاء الضرر الجمالي. (3
170,740 د لقاء الخسارة في الدخل. (4
1734,229 د لقاء ضرره المهني. (5
246,240 د لقاء مصاريف العلاج ومعلوم (6
الإختبار الطبي ومصاريف التنقل.
150 دينار لقاء تكاليف دفع غرامة معدلة من (7
المحكمة وحمل المصاريف القانونية على المدعى عليها
في شخص ممثلها القانوني وعدم سماع الدعوى فيما
زاد على ذلك.
فاستأنفته المحكوم ضدها فصدر القرار المنتقد
السالف ذكر نصه بالطالع.
فتعقبته بواسطة محاميها طالبة نقضه وناسبة له :
1) عن التعویض عن الضرر المعنوي والجمالي :
ذلك أنها تمسكت بأنه لا يجوز القضاء إلا بصنف
واحد من التعويض وهو الضرر المعنوي والجمالي
بصفة مندمجة إلا أن المحكمة قضت بخلاف ذلك
معللة قرارها بأن ما تم إقراره من غرامات متماشية
وأحكام القانون عدد 86 لسنة 2005 ومعتمدا على ما
جاء بأن مقاييس التقدير مضبوطة إلى جانب ما توفر
بالملف من مؤيدات خاصة من تقرير الاختبار الطبي
الذي حدد جملة الأضرار اللاحقة بالمتضرر وهو
تعليل مبهم ومختل من الناحية القانونية إذ أن التعويض
عن الضرر الجمالي بصفة منفصلة عن الضرر المعنوي
وتمكينه من تعويض مزدوج عن نفس الضرر فيه خرق
لأحكام الفصل 126 من م.م.م.ت والذي بمراجعته
تتجلى بوضوح إرادة المشرّع في دمج التعويض في
الضرر الجمالي مع الضرر المعنوي وذلك لما نص
بصريح العبارة على الضرر البدني ثم الضرر المهني
ثم الضرر المعنوي والجمالي وأن نيّته لو انصرفت
إلى حصر التعويض عن الضرر الجمالي عن الضرر
المعنوي واعتباره مستقلا عنه لما نفى الفصل 126
عبارة الضرر المعنوي والضرر الجمالي كما أن الفصل
136 من م.ت جاء واضحا وصريحا إذ نص على أنه
يحدد التعويض عن الضرر المعنوي والجمالي حسب
درجة الضرر في التقرير الطبي ولو كان يرمي إلى
فصلها عن بعضها والتعويض عنهما بشكل مستقل
لإستطرد بالقول "يحدد مبلغ التعويض عن الضرر
المعنوي والضرر الجمالي حسب درجتي الضرر" وأن
عبارة درجة الضرر الواردة بالفصل 126 تتعين
بداهة أن الخبير ملزم بتحديد درجة موحدة لها ولو
كانت نية المشرع متجهة إلى فصل تعويض الضرر
لأورد عبارة درجتي الضرر المقدرة في التقرير الطبي
إلا أنه لم يفعل بما يؤكد وحدة الضررين من حيث
التعويض عنهما وأنه لو أراد فصل تعويض الضرر
الجمالي عن الضرر المعنوي لتم إدراج فصل خاص
بذاته بتعويض الضرر الجمالي كما هو الشأن بالنسبة
للتعويض عن الضرر البدني والضرر المهني وبذلك
فإن إدراجه للضرر الجمالي مع المعنوي ضمن الفصل
136 إذ يعكس في حقيقة الأمر قناعته بأن التعويض
يتعلق بتعويض واحد ألا وهو التعويض عن الضرر
المعنوي والجمالي بصفة مندمجة دون إمكانية الفصل
بينهما وأن الخبير المنتدب بالرغم من أنه نص على
تعويض واحد مشيرا إلى درجة الضرر المعنوي
والجمالي إلا أن محكمة القرار المنتقد أصرت على 3
الفصل بين الضرر المعنوي والجمالي بما يجعل حكمها
حريّ بالنقض.
2) في طریقة إحتساب التعویض عن الضرر
المهني وذلك بتحریف أحكام الفصل 134 من م.ت
:
ذلك أن دفوعاتها تمحورت حول الطريقة الجديدة
والخاصة في إحتساب التعويض عن هذا الضرر
وبذلك ولما عللت قرارها بأن الضرر المهني ثابت
واتجه لذلك رد مطاعنها وإقرار الحكم الابتدائي فإنه
تعليل عقيم إذ فيه سوء فهم لجوهر الموضوع إذ النزاع
يهم لا مبدأ التعويض وإنما طريقة إحتساب التعويض
عن الضرر والتي تتمثل بالنسبة للمحكمة في تحديد
الأجر الأدنى السنوي في النسبة المائوية التي يتم
نشرها حسب الجدول ثم في عدد السنوات المتبقية لسن
التقاعد وهو تأويل خاص واستنتاج غريب عن الضرر
المهني يتجافى وأحكام الفصل 134 من م.ت الذي
نص على أن التعويض يحتسب عن الضرر المهني
طبق الفصل 127 من م.ت طبقا للتقرير الذي يحرره
الطبيب وهي 6 بالمائة بالفصل 138 من م.ش ويتم
تحديد المبلغ الجملي للتعويض على أساس نسبة من
الخسارة الفعلية في الدخل السنوي وفق سلم درجات
والأخذ بعين الاعتبار بين التقرير درجة ثاني الضرر
على الضرر المهني وذلك حسب الجدول وأنه باستقراء
الحكم المذكور يتجلى بوضوح أن المتسوّغ حدد بكل
وجه طريقة إّحتساب التعويض عن الضرر المهني
والتي تتمثل في ضرب الأجر الأدنى السنوي في
النسبة المائوية التي تحدد نسبة ودرجة الضرر المهني
المشار إليه بالاعتبار وأن المشرع لم ينص بالمرة
على تلك الطريقة والقيمة في تسديد التعويض عن
الضرر المهني والمتمثلة في ضرب الأجر السنوي
للمتضرر في النسبة المائوية التي يتم تحديدها حسب
الجدول ضاربا عدد السنوات المتبقية لسن التقاعد
وأنه لو كانت نيّة المشرّع متجهة لاعتماد نفس
الطريقة التي تم التنصيص عليها بصريح العبارة
ضمن الفصل المذكور إلا أن المشرع لم يشر على
ذلك لا من قريب ولا من بعيد بل أنه حدد بوضوح
في القضية إحتساب التعويض عن ذلك الضرر دون
أن يترك مجالا للتأويل أو التخمين في ما ذهب إليه
في خصوص خرق الفصل 136 من م.ت ممّا يجعله
حريّا بالنقض مع الإحالة.
المحكمة
أ- عن المطعن الأول المتعلق بخرق محكمة الأصل
للفصلين 126 و 136 جدید من م.ت وسوء
تأویلهما وتطبيقهما لتداخلهما ووحدة القول فيهما
:
حيث لا فائدة ترجى من تأويل نص واضح
وصريح لفظا ومقصدا.
وحيث أن الفصلين المحتج بهما ولما تعرضا إلى
الضرر المعنوي والجمالي لم يقصد التعويض عنهما
على أساس وحدة الضرر.
وحيث أن أساس التمييز بينهما يستمد من اختلاف
طبيعتهما إذ يمكن أن ينجر عن حادث مرور إصابة
تكتسي طابع جمالي بدون أن يصاب جماليا وهي
الصورة الأكثر شيوعا في مادة العظام أو الأعصاب
وبذلك يمكن التعويض له عن ضرره الجسدي
والمعنوي بدون الجمالي كما يمكن أن يكون للإصابة
طابع مزدوج بدني وجمالي وفي تلك الحالة يتم4
التعويض عن الضرر الجسدي والضرر الجمالي
والضرر المعنوي.
وحيث أن المشرّع ولما إستعمل واو العطف
بالفصل 126 وكذلك 136 من م.ت المحتج بهما النعت
المعنوي والنعت الجمالي فإن قصده في ذلك تعدادهما
ويتعين في تلك الحالة لغويا تفادي تكرار المنعوت
المتمثل في الضرر خاصة وأنه استعمله في نفس
الجملة بذكر عبارة ضرر بدني وضرر مهني وفي ذلك
اتفاق للغة العربية.
وحيث أن الفائدة المنطقية والعملية من التبين بين
النعتين التشديد على وجود ضررين مستقلين عن
بعضهما البعض ذلك أن الضرر المعنوي يستمد من
الشعور بالآلام والأوجاع والحرمان وله إرتباط
عضوي بالأساسين وبالتالي بالحالة النفسية لذات
الشخص فإن الضرر الجمالي يخص التشويه الجسدي
البارز للجميع والذي يقدر من حالة إلى أخرى في
وضعية ملموسة وتحدد درجته حسب سن المتضرر
ونسبته ومهنته وأهميته على ذاته.
وحيث وعلى فرض وجود ضرر واحد فإن
المشرع ولما جزّءه إلى صنفين معنوي وجمالي فإن
مرده اختلاف طبيعتهما وسندهما وأثارهما وبما يتعين
معه في تلك الحالة التعويض له عنهما الاثنين.
وحيث أن المشرع أقرّ من قواعد التعويض ذاتها
السابقة الوضع والتي تقتضي أنه لا يجوز التعويض
إلا عن الضرر وفي حدوده لا أكثر إذ ينجر عن ذلك
إثراء بدون سبب إذ يترتب عنه إعفاء غير مشروع
وبذلك فإن التفريق بينهما متناغما معها بما يتعين رده
لعدم وجاهته قانونا.
ب- عن المطعن الثاني المتعلق بخرق أحكام
الفصل 134 من م.ت وسوء تطبيقه في طریقة
احتساب التعویض عن الضرر المهني :
حيث يرد على صاحبه الدفع بسوء تطبيق
محكمة الموضوع للفصل 134 من م.ت قولا بأنه لا
يتيح التعويض عن الضرر المهني على أساس
طريقة إحتسابه التي إعتمدتها المتمثلة في ضرب
الأجر الأدنى السنوي للمتضرر في النسبة المائوية
المحددة ب 6 بالمائة بناء على نتيجة الاختبار الطبي
وسن المتضرر المحدد ب 48 سنة وضربه بعدد
السنوات المتبقية لسن التقاعد دون بيان وجه الخطأ
فيها بل وعلى العكس من ذلك فإنها كانت مطابقة
للنص المحتج به لفظا ومقصدا وملائمة للفصلين
138-127 من م.ت المقترنين به.
وحيث أن الضرر المهني اللاحق بالمعقب ضده
والمتمثل في العجز الدائم على مقدرته الوظيفية بعد
البرء التام قياسا مع ما كانت عليه قبل استهدافه
131 من م.ت فإنه - للحادث وفق أحكام الفصلين 127
يبقى عالقا به إلى حد سن تقاعده ويتعين حينئذ
التعويض له عن النقص النهائي في مقدرته طيلة المدة
المهنية المتبقية وأن الاحتجاج بلزوم عدم إحتسابها فيه
سوء فهم من المعقب للنصوص المذكورة ومخالف
لمقاييس التعويض التي أرساها المشرع بمقتضى
القرائن المحتج بها والملائمة لقواعد التعويض عن
كامل الضرر بدون نقصان إذ في ذلك إعفاء غير
مشروع وغير مبرر بما يتعين رد مطلب التعقيب
أصلا وحجز معلوم الخطية المؤمّن.
ولهاته الأسباب
قررت المحكمة قبول مطلب التعقيب شكلا ورفضه
أصلا وحجز معلوم الخطية المؤمن.
وصدر هذا القرار بحجرة الشورى في 7 أفريل
2008 عن الدائرة الحادية عشر المتركبة من رئيستها
السيدة فائزة الزرقاطي والمستشارين السيدين نجيب
هنان وفائزة القابسي وبمحضر المدعي العام السيدة
رجاء الشواشي وبمساعدة كاتبة الجلسة السيدة ليلى
الشاوش.
وحرر في تاریخه