حرص متجدد على تعزيز الحريات الأساسية وتدعيم حقوق الإنسان
تجدد حرص الرئيس زين العابدين بن علي على تعزيز الحريات الأساسية وتدعيم حقوق الإنسان وإشاعة ثقافتها في المجتمع التونسي الراسخ في هويته والمتفتح على الحداثة .
وقد تجسد ذلك من خلال تأكيد سيادة الرئيس يوم الخميس لدى تقبله تهاني أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين بتونس بحلول السنة الدراية الجديدة 2008 العزم على مزيد تطوير منظومة حقوق الإنسان والحريات الأساسية وفقا لثوابت المسيرة الإصلاحية للتغيير وبما يعزز الخيارات الوطنية في هذا المجال إذ أعلن رئيس الجمهورية انه سيتم تطوير الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية عبر الارتقاء بالأحكام المنظمة لها الى مرتبة قانون وتمكينها كمؤسسة وطنية لحقوق الإنسان من الاستقلال الإداري والمالي ومراجعة تركيبتها بما يدعم التواصل بين الدولة ومكونات المجتمع المدني وتعزيز اختصاصها تأكيدا لدورها في مجال النهوض بحقوق الإنسان وحمايتها .
ويأتي هذا الإصلاح ليدعم قرار رئيس الدولة في الذكرى التاسعة عشرة للتحول المتعلق بتوسيع صلاحيات هذه الهيئة وليتزامن مع برنامج الأنشطة الذي أعلن رئيس الدولة عن إعداده في الذكرى 59 لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بالتعاون مع الهياكل والجمعيات المهتمة بحقوق الإنسان لمزيد التحسيس والتوعية بهذه الحقوق وبأبعادها وسبل حمايتها وتكريسها وذلك بمناسبة الاحتفال سنة 2008 بستينية هذا الإعلان العالمي .
كما جاء ليكرس المقاربة التونسية في هذا المجال وما تتميز به من شمولية لكل الحقوق سياسية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية أو تربوية تتجلى خاصة من خلال العمل على تدعيم المسار الديمقراطي وتعزيز المشاركة الواسعة لجميع فئات الشعب وتعميق ثقافة التعددية وتوسيع دائرة الحريات العامة والفردية وفتح باب المشاركة الواسعة أمام جميع فئات الشعب التونسي دون إقصاء أو تهميش وتطوير الإعلام وذلك الى جانب السعي الى ضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للأفراد .
وينضاف هذا القرار الى ما اتخذه سيادة الرئيس من مبادرات عديدة في المجال أكدت التمسك بالقيم الكونية النبيلة لحقوق الإنسان والحريات الأساسية التي جعلت منها تونس محورا أساسيا لسياستها وآخرها الإجراءات المعلنة في خطاب الذكرى العشرين لتحول السابع من نوفمبر سيما المتعلقة بتطوير المشهد الإعلامي عبر تكثيف فضاءات الحوار في القنوات التلفزية ودعم حضور المعارضة في الملفات حول القضايا الوطنية والمستجدات العالمية فضلا عن دعم صلاحيات المجلس الأعلى للاتصال ليتولى متابعة أداء المؤسسات الإعلامية وخصوصا منها المرئية والمسموعة وتقويم برامجها ومضامينها واقتراح التصورات لتطويرها بما يستجيب للخيارات والتوجهات الوطنية ويتماشى مع أخلاقيات المهنة الصحافية والعمل الإعلامي .
كما شملت هذه القرارات تعزيز الضمانات القضائية في فترة الاحتفاظ ومزيد تطوير المنظومة الجزائية لتوسيع مجال العقوبة البديلة للسجن بإقرار عقوبة التعويض الجزائي وبتيسير شروط استرداد الحقوق وتطوير عمل المحاكم بما يمكنها من قضاء شؤون المتقاضين في اسرع وقت فضلا عن تحجير إقامة الأطفال مع أمهاتهم السجينات وإحداث فضاءات خاصة برعاية الأم الجانحة وإيوائها عندما تكون حاملا أو مرضعا.
وتستهدف كل هذه الإجراءات مثلما أكد ذلك رئيس الدولة في خطاب الذكرى 20 لإحداث المجلس الدستوري "تطوير التشريعات وإيجاد الظروف والآليات الملائمة لتجسيم الحقوق والحريات على ارض الواقع وتمكين كل المواطنين والمواطنات من التمتع بأوفر الفرص وأفضلها لتحقيق الذات في مجتمع ينعم بالكرامة والحرية والمساواة والعدل".
وقد أسست جميع المبادرات التي تم اتخاذها في هذا المجال طيلة العقدين الماضيين قاعدة تشريعية متطورة لصيانة حقوق الإنسان والحريات العامة تعززت عبر إحداث الآليات والهياكل المختصة للحفاظ على هذه الحقوق وترسيخها وفي مقدمتها الهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية التي تم بعثها سنة 1991 لتساعد رئيس الجمهورية في دعم حقوق الإنسان والحريات الأساسية والنهوض بها والتي يحرص سيادته على متابعة ما تعده من تقارير بصفة دورية منتظمة .
ومن بين هذه الآليات كذلك إحداث خطة مستشار أول لدى رئيس الجمهورية مكلف بحقوق الإنسان ومنسقية لحقوق الإنسان بوزارة العدل وحقوق الإنسان وخليتين لحقوق الإنسان بكل من وزارة الداخلية والتنمية المحلية ووزارة الشؤون الخارجية .
كما تم بالخصوص إحداث جائزة رئيس الجمهورية لحقوق الإنسان سنة 1993 تسند الى الشخصيات والمنظمات والمؤسسات والهيئات التي تميزت بإسداء خدمات جليلة في مجال حقوق الإنسان ودعمها وتطويرها ونشر ثقافتها على الصعيد الوطني والإقليمي أو العالمي فضلا عن بعث مرصد وطني لحقوق الطفل سنة 2000 ولجنة وطنية للتربية على حقوق الطفل والإسهام في تنفيذ الخطة الوطنية لنشر قيم حقوق الإنسان في الأوساط المدرسية والتربوية .
وأعطى القانون الدستوري الصادر سنة 2002 دفعا جديدا باتجاه مزيد تكريس دولة القانون والمؤسسات إذ نزل حقوق الإنسان منزلة خاصة صلب الدستور ونص على توسيع حماية الحياة الخاصة للفرد وتكريس حرمة الاتصالات وحماية المعطيات الشخصية الى جانب تعزيز الحصانة القضائية لهذه الحقوق .
كما برزت الإرادة السياسية لمزيد النهوض بمنظومة حقوق الإنسان وبمبادئها النبيلة في البرنامج الرئاسي لتونس الغد الذي أكد على جعل هذه الحقوق واقعا ملموسا يتطور في كل مرحلة نصا وممارسة. وهو ما يبرز التمشي التدريجي الذي تم اعتماده في النهوض بهذه الحقوق وفي السعي باستمرار الى توسيع مجالاتها لتشمل كافة الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
وقد حققت هذه المقاربة التونسية بفضل ما تتميز به من خصوصية وتفرد وما اعتمدته من تدرج نجاحا بارزا وإشعاعا دوليا تعزز بفضله حضور تونس في الهيئات الأممية والدولية والإقليمية المختصة وآخرها فوزها يوم 21 جانفي الجاري برئاسة لجنة خبراء حقوق الإنسان العربية التابعة لجامعة الدول العربية بعد أن انتخبت سنة 2006 بنسبة كبيرة من الأصوات عضوا في مجلس حقوق الإنسان لمنظمة الأمم المتحدة بجنيف وعضوا في لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة لتكون الدولة العربية والإسلامية الوحيدة وثاني دولة افريقية عضوا في هذه اللجنة وهو ما يمثل اعترافا دوليا بالتمشي التونسي في مجال حماية حقوق الإنسان واحترامها والحرص على نشر ثقافتها .
كما نالت جهود رئيس الدولة في مجال تعزيز حقوق الإنسان تقديرا دوليا كبيرا تجسد عبر شواهد التكريم والعرفان لسيادته من قبل مؤسسات ومنظمات دولية مختصة آخرها تسلم الرئيس زين العابدين بن علي في 10 ديسمبر 2007 بمناسبة الاحتفال بالذكرى التاسعة والخمسين لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان درع منظمة التأهيل الدولي لجهود سيادته في مجال العناية بالفئات ذات الاحتياجات الخصوصية وإحرازه قبل ذلك درع "المحافظة على الحياة فوق الأرض" للاتفاقية الأممية للتنوع البيولوجي والميدالية الشرفية للمعهد الدولي للقانون الإنساني وجائزة لويز ميشال للديمقراطية وحقوق الإنسان من المعهد الفرنسي للدراسات السياسية والاجتماعية .
2008/01/25