بالمغرب:40 سنة سجنا نافذا للمتهمين في ملف التهريب الدولي للمخدرات
أدانت الغرفة الجنحية التلبسية بالمحكمة الابتدائية بمدينة إنزكان، نهاية الأسبوع الماضي، المتهمين الأربعة، المتورطين في قضية محاولة تهريب حوالي 7 أطنان من المخدرات نحو أوروبا، بأحكام بلغ مجموعها 40 سنة سجنا.
وهكذا أدانت الغرفة نفسها المتهمين (المحفوظ.أ, ومحمد.أ, وأحمد.ب, وحاتم.ب) بعشر سنوات سجنا نافذا لكل واحد منهم، كما قضت بأدائهم غرامة مالية بقيمة خمسة آلاف درهم لكل واحد, إضافة إلى أداء غرامة تضامنية بمبلغ 363 مليونا و807 آلاف درهم لفائدة إدارة الجمارك, وإتلاف المخدرات المحجوزة.
وأصدرت الغرفة أحكامها الابتدائية في هذه القضية، خلال الجلسة السابعة، التي عقدتها مساء الخميس المنصرم، وانتهت في حدود الثانية صباحا من يوم الجمعة المنصرم، وفقا لمصادر مقربة من الملف، بعد الاستماع إلى مرافعات الدفاع وممثل النيابة العامة، وانسحاب هيئة الحكم للمداولة ونطقها بالأحكام.
وكانت هيئة الدفاع عن المتهم الأول في القضية (المحفوظ. أ)، 53 سنة، وهو ابن رجل ثري بالمدينة، أعلنت خلال الجلسة السادسة، للنظر في القضية، انسحابها بشكل مفاجئ من مؤازرة المتهم، وعللت ذلك بأن الدفاع لا يسمح لنفسه، انطلاقا من مسؤولياته المهنية والقانونية أن يقف أمام الهيئة القضائية لمؤازرة شخص لم يتأكد الجميع من قدرته على الدفاع عن نفسه، مضيفة أنه مريض بشهادة الملف الطبي، وشهادة ما أنجز من وصف طبي لحالته الصحية إثر قيامه بمحاولة انتحار، إذ قرر وكيل الملك على إثرها إحالته على مستشفى الأمراض العقلية بإنزكان. كما طالب من إدارة السجن أن تحيطه بالحراسة المشددة داخل زنزانة انفرادية، حيث يتلقى العلاج بوصفة طبية سلمت له من قبل الطبيب المعالج بالمستشفى نفسه.
وذكرت المصادر نفسها أن انسحاب الدفاع، الذي عاد لمؤازرة موكله، خلال الجلسة الأخيرة، كان نتيجة لرفض هيئة الحكم ملتمسا تقدم به الدفاع لإجراء خبرة طبية على المتهم الأول، الذي لم يتمكن خلال جميع مراحل المحاكمة الإدلاء بتصريحاته بسبب إصابته بمرض نفسي، يجعله غير قادر على الوقوف أمام المحكمة أو الإدلاء بأقوال صريحة، إذ أجلت هيئة الحكم الجلسة مرتين متتاليتين لعدم تمكن الأخير من الإجابة على أسئلة رئيس هيئة الحكم، كما أدلى دفاعه بشهادات طبية جرى تسليمها للمتهم في فترات سابقة، تفيد أنه مصاب بـ"حالات انهيارية وكآبة متعددة الأشكال واضطرابات الذاكرة والحكم والتمييز".
وأوضحت المصادر أن الجلسة، توقفت مرتين بسبب الحالة الصحية للمتهم، الذي لم يقو على التحكم في جسمه، وتبول في ملابسه وسقط عن الكرسي الذي يجلس عليه، ما جعل باقي المتهمين يخلون الكرسي ويمددونه فوقه، وهو ما أدخل هيئة الدفاع وممثل النيابة العامة في شد وجدب، إذ ذكر الدفاع بالانتحار الذي أقدم عليه المتهم داخل مرحاض زنزانته، واتهم النيابة العامة بحجب التقارير الطبية المنجزة من قبل مستشفى الأمراض العقلية وطبيب السجن، التي أنجزت للمتهم إثر محاولته الانتحار، وهو ما رفضه ممثل الحق العام، الذي أكد أن المتهم أصبح أقل توثرا وحالته الصحية عادية جدا، رغم ما توصلت به النيابة العامة من شهادات طبية من طبيب مستشفى الأمراض العقلية والنفسية بإنزكان، وكذا طبيب السجن وطبيب نفساني كان يزور المتهم، موضحا أن منجزي تلك التقارير تتحمل مسؤوليتها في ما أنجزته.
وجدد الدفاع طلب إجراء الخبرة الطبية على المتهم، قبل أن يحسم الجدل الدائر بالانسحاب من الجلسة.
وكانت هيئة الدفاع تقدمت بمجموعة من الوثائق والشهادات الطبية، سلمتها لهيئة الحكم، تؤكد إصابة المتهم (المحفوظ.أ) بمرض نفسي لأزيد من ثماني سنوات، أصابه باضطرابات عصبية وفترات انهيار، وبضعف القدرة على التمييز، وأصبح معه غير ناضج نفسيا، مضيفة أن الشهادات الطبية المسلمة للمتهم، بملفه الطبي الصادر عن طبيب أخصائي، تظهر أن المتهم يعاني مرض "الوسواسية الإكراهية"، التي تستوجب خضوعه لعلاج نفسي، ومتابعة طبية طويلة ومنتظمة.
ويتابع في الملف، أربعة متهمين من أجل "مسك ونقل ومحاولة تصدير المخدرات الممزوجة بالتبغ المهرب, والاتجار فيها ومحاولة الاتجار فيها".
وتعود وقائع القضية إلى نهاية شهر أكتوبر من العام الماضي، حين تمكنت مصالح الأمن من حجز حوالي سبعة أطنان و600 كلغ من مادة الشيرا (مستخلص القنب الهندي)، كانت موجهة نحو أوروبا، انطلاقا من الميناء البحري لأكادير, داخل مستودع شركة لتصدير الزليج، يقع بالجهة الشرقية للحي الصناعي، التابع للمجال الترابي للجماعة الحضرية لآيت ملول التابعة لعمالة إنزكان - آيت ملول.
وعثرت الشرطة على المخدرات على شكل صفائح، معبأة بإحكام وبطريقة احترافية وسط شحنة من صناديق الزليج المغربي.
وألقت القبض عقب ذلك على المتهم الأول في الملف، وثلاثة متهمين آخرين، وأحالتهم على النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية، بعد متابعتهم بتهم "مسك ونقل ومحاولة تصدير المخدرات الممزوجة بالتبغ المهرب، والاتجار فيها ومحاولتها".
وما زالت عناصر الشرطة تجري تحريات مكثفة لاعتقال ثمانية متهمين آخرين، متورطين في الملف نفسه، بعد أن صدرت في حقهم مذكرة بحث وطنية ودولية، يتعلق الأمر، وفقا للمصادر عينها، بالمتهمين (م. أ)، و(ح. ب)، و(ح.خ)، و(ع.ص)، و(ي.ح)، و(س.إ)، ويتحدرون من أكادير والدارالبيضاء، إضافة إلى المتهم المدعو (ف)، وهو مواطن إيرلندي، ومتهم آخر، يعتبر مسؤولا قانونيا بإحدى الشركات الأجنبية بالمنطقة.