المدير أ/ طه العبيدي Admin
عدد الرسائل : 5241 الإسم و اللقب : رجال القانون نقاط : 5743 تاريخ التسجيل : 19/01/2008
| موضوع: مصر: فضيحة رشوة شركة أمريكية لمسئولين مصريين الخميس أبريل 01, 2010 4:42 pm | |
| مصر: فضيحة رشوة شركة أمريكية لمسئولين مصريين نشرت »الوفد« في الصفحة الأولي بالعدد الصادر أمس، اعترافات شركة ديملر بنز الأمريكية لإنتاج السيارات المرسيدس أمام محكمة واشنطن بدفع رشاوي لمسئولين في الحكومة المصرية من أجل تسهيل أعمال وشراء سيارات ومحركات وفتح فرص للتجارة مع مصر في الفترة من 1998 إلي 2008، وكشفت تحقيقات المحكمة التي تنظر القضية، أن الرشاوي بلغت عشرات الملايين من الدولارات التي أودعتها في حسابات بنكية عن طريق شركة أخري للمسئولين المصريين وآخرين في عدة دول. كما تبين من المستندات، أن بعض الرشاوي عبارة عن سيارات فارهة تتجاوز قيمتها قبل الجمارك 300 ألف دولار.. أي حوالي مليون و650 ألف جنيه مصري للسيارة الواحدة. ولم تفصح المحكمة عن أسماء المسئولين المصريين الذين تلقوا الرشاوي خلال الفترة من 1998 إلي 2008 أي ما يقارب عشر سنوات!!. وبالمناسبة.. تفرض الولايات المتحدة إجراءات ونظماً غاية في الشفافية علي التعاملات التجارية، والصفقات التي تعقدها الشركات الأمريكية مع دول العالم. ومن بينها قانون فيدرالي يلزم رجال الأعمال الأمريكيين المتعاملين مع بنك التصدير والاستيراد بالإفصاح عن العمليات القذرة التي يلجأون إليها لعقد صفقاتهم »أي الكشف عن المبالغ والرشاوي التي يدفعونها في الدول الأخري زيادة علي قيمة العقد الذي أخطروا به البنك. ولا يجوز لرجل أعمال أمريكي عقد صفقات خارج الولايات المتحدة سوي عن طريق بنك التصدير والاستيراد باعتباره الممول الوحيد!. وهناك نصوص عقابية في القانون الفيدرالي المنظم للبنك تقضي بمعاقبة الشركة الأمريكية التي تدفع مبالغ أكثر من نطاق وقيمة العقد الذي أخطرت به البنك حرصا علي عدم اضطراب موازين المنافسة بين الشركات الأمريكية!. كما يتضمن القانون نصاً شبه إعفائي يسمح للشركة الأمريكية التي خالفت مواده، وخرقت أحكامه، أن تقدم اعترافاً للقاضي المختص، وتقول فيه إنها دفعت مبالغ مخالفة للقانون، وتسرع بسداد غرامة مالية تعيد للعقد التوازن التنافسي، بمعني أن هناك عقداً قيمته مليون دولار، ودفعت الشركة نصف مليون دولار رشوة لتسهيل عمليات العقد، وأضرت بشركة أمريكية أخري، وتضطر الشركة الراشية إلي الاعتراف للإفلات من عقوبة الحبس، وتسرع بسداد غرامة مالية للبنك الأمريكي تزيد علي قيمة الرشوة التي أخفتها، واعترفت بها!!. ولكن.. هذا القانون الفيدرالي المنظم لأعمال بنك التصدير والاستيراد.. جري العرف علي استخدامه أحيانا في العمليات القذرة المخابراتية.. مثلاً.. إذا أرادت أمريكا القضاء علي مستقبل مسئول سياسي في إحدي دول العالم.. يتم تحريض إحدي الشركات المتعاملة مع بلد هذا المسئول علي تقديم اعتراف بدفع رشوة له، وتسدد الشركة الغرامة رغم عدم صحة الواقعة، وتتخلص أمريكا من المسئول التي ترغب في القضاء علي مستقبله السياسي!!. وحدث هذا مع مسئول مصري كبير أرادت أمريكا التخلص منه عام 1978!!، ومازالت تفاصيل الواقعة في الأذهان بل يجري تدريس قضية هذا المسئول في مركز الدراسات القضائية المصري. باعتبارها القضية الأولي أو الثانية في تاريخ مصر التي غادر فيها ممثل الادعاء منصة النيابة، ونزل إلي القاعة حتي يستجوبه دفاع المتهم!!. انها قضية المهندس أحمد سلطان نائب رئيس الوزراء ووزير الكهرباء الأسبق، والذي حمل علي أكتافه أعباء ومسئوليات تنشيط البرنامج النووي المصري!!، ولم ترض أمريكا وإسرائيل وقتها وجود هذا البرنامج في مصر، وتقرر التخلص من الوزير أحمد سلطان!!. وتفجرت قضية وستنجهاوس الأمريكية، ووجهت الاتهامات إلي أحمد سلطان وغيره بقبول رشاوي من الشركة الأمريكية مقابل إرساء أعمال عليها في مصر!!. ولم يلتزم المرحوم الدكتور مصطفي خليل رئيس الوزراء وقتها الصمت، ولم يتستر علي الوزير، وأمر بالتحقيق في الوقائع المنسوبة إلي أحمد سلطان. وانتقل المستشار أحمد سمير سامي المحامي العام لنيابات الأموال العامة العليا وقتها إلي واشنطن لمباشرة إجراءات التحقيق في الاتهامات الموجهة إلي الوزير سلطان، وحاول سؤال روبرت يوچين هيوز شاهد الإثبات، والذي تقدم من تلقاء نفسه وطواعية بالاعتراف إلي قاضي كولومبيا ديستريت، وادعي حصول أحمد سلطان وآخرين علي رشاوي مقابل تسهيل أعمال شركة وستنجهاوس في مصر!!. واكتشف المستشار أحمد سمير سامي الذي أصبح وزيراً للعدل، عدم إمكانية استجواب الشاهد علي أرض أمريكية، واصطحبه إلي باريس، وقرر استجوابه داخل السفارة المصرية، واستمرت عملية الاستجواب عشرة أيام. وانتقلت القضية إلي محكمة الجنايات، وطبعاً.. القانون ليس له علاقة بالدوافع الأمريكية الخفية وراء اتهام الوزير المصري بالرشوة!!. وجلس أحمد سلطان وآخرون داخل قفص الاتهام في مبني المحكمة بميدان باب الخلق. وبدأت مرافعات الدفاع عن الوزير، واكتشف فتحي رجب محامي أحمد سلطان، بطلان استجواب الشاهد الذي استمر 80 ساعة خلال عشرة أيام!!، فقد تبين أن أقوال الشاهد لا تزيد علي 5 أو 6 صفحات فقط، كما أعلن فتحي رجب أن أرض السفارة المصرية في باريس أو غيرها من أراضي السفارات المصرية في دول العالم، لا تمتد إليها حصانة أرض مصر بالكامل واستشهد بعدم قدرة المحقق المصري علي إصدار أوامر قسرية مع المستجوبين مثل الحبس أو الكفالة، وتصبح بالتالي التحقيقات باطلة. كما أعلن ميشيل روجوفن محامي وستنجهاوس أمام محكمة الجنايات، أن المحقق أو المستشار أحمد سمير سامي لم يكن يكتب أقوال الشاهد فور الإدلاء بها، بل يستمع إليها، ويلخص اللقاءات بعد انتهائها عصر نفس يوم الإدلاء بها، وأصبح المحقق هنا شاهداً، وليس محققاً، والتقط فتحي رجب هذا الخيط، وطلب نزول رئيس النيابة أو المحقق من فوق منصته، والجلوس فوق كرسي الشهادة لاستجوابه عن إجراءاته في باريس. وبدأت تتضح الحقائق بعد الاستجواب، وقضت المحكمة ببراءة أحمد سلطان. ونعود إلي الخبر الذي بدأنا به هذا المقال. إن هناك اعترافات من شركة أمريكية أمام محكمة واشنطن بتقديم رشاوي عبارة عن ملايين الدولارات وسيارات فارهة إلي مسئولين مصريين!!. وهذا الاتهام يحتمل أمرين لا ثالث لهما: ـ إما أن الاتهام صحيح، ولابد من الكشف عن أسماء المسئولين المصريين الذين حصلوا علي رشاوي، وتقديمهم إلي المحاكمة. ـ وإما أن هناك أعمالاً مخابراتية قذرة تهدف إلي تشويه سمعة هؤلاء المسئولين المصريين للتخلص منهم. وهذا يعني.. عدم تجاهل هذه الاتهامات، وأن تطلب الحكومة المصرية وأجهزة الدولة من الحكومة الأمريكية والقضاء الأمريكي الكشف عن تفاصيل هذه العمليات، ومبالغ الرشاوي، والعقود التي تتصل بهذه العمليات، وأسماء المسئولين المصريين المنسوب إليهم هذه الاتهامات حتي لا تسوء سمعة المسئولين المصريين بدون دليل مادي قاطع وجدي!!. إن تجاهل هذه الواقعة لن يسيء إلي مسئولين مصريين فقط.. بل يسيء إلي الحكومة المصرية الحالية والسابقة فقد جرت وقائع الرشوة ابتداءً من 1998 حتي 2008!!. هل يأمر الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء بإيفاد رئيس نيابة الأموال العامة إلي واشنطن للاطلاع علي تحقيقات قضية رشوة شركة ديملر بنز؟!. هل يفعل رئيس الوزراء مثلما فعل المرحوم الدكتور مصطفي خليل عام 1978؟!. حقيقة.. نريد الفصل في هذه الواقعة، والتي يعني تجاهلها أن الفساد في مصر فوق القانون، وفوق سمعة مصر!!. ويعني تجاهل هذه الاتهامات.. أن وزارة التجارة الأمريكية علي حق عندما حذرت الشركات الأمريكية ورجال الأعمال الأمريكيين الراغبين في الاستثمار ببلادنا من انتشار الفساد والرشوة في الحكومة المصرية!!. | |
|