رسالة هرتزل إلى نوردو لإنشاء البنك لشراء الأراضي
11/ 12/ 1897
توصلنا إلى نقطة حازمة في عملنا مع البنك سأتكلم باختصار. لقد كان في زيارتي ليومين أغنى رجل في بولونية الروسية ج. ك. بوزنانسكى من لودز. هذا الرجل متحمس جدًا للقضية. إنه يعتقد أن البنك اليهودي يجب أن يكون فيه أكثر من مليونين، خمسة أو عشرة ملايين جنيه كرأس مال مساهم ويجب أن يشترك في النقابة التي ستكون مهمتها أن تؤمن الاشتراك. متى اشترك هذا الرجل فإن بقية أصحاب الملايين الروس سينضمون. هذا يؤمن لمشروع البنك قفزة كبيرة للنجاح. لن أطيل عليك في وصف الخطوات التي سأتبعها لهذه الغاية في أوروبة الشرقية. في لندن بدأ جاستر الإعداد للعمل مع سليجمان المتمول. يجب أن تستعرض النقابة أسماء من جميع البلدان التي لها تأثير في العالم المتمول.
وهنا تبرز إلى الوجود قضية روتشيلد. إن بوزنانسكى - الذي هو مستعد أن يسير في الأمر بدون آل روتشيلد وحتى معارضًا لهم - يريدنا أولاً أن نتوصل إلى علاقة صداقة معهم أو على الأقل أن تكون لهم تجاه البنك مشاعر حيادية لا تخلو من العطف. وهذا عمل صعب جدًا ولكني لا أراه مستحيلاً إذا قامت به زعامة قديرة. وطبعًا يجب ألا يكون الاتصال بآل روتشيلد مباشرةً أو بالكتابة. إنهم في أثناء الحملة سيستخدمون ضدنا كل محاولة تقدم أو رفض وسيكون ذلك بالطبع بطريقة المتمولين المتخلين الذين يسمون أنفسهم برجال الصحف الذين يطعنون من الخلف.
منذ بضعة أسابيع كتبت مقالين في الديلي كرونيل أشرح فيهما إمكان قيام يهود الطبقة الوسطى بمقاطعة مالية ضد أقطاب الأموال في المستقبل. يجب أن يعرف آل روتشيلد الآن أن البنك اليهودي الذي نفكر فيه قد يساعد على مثل هذه المقاطعة ويستفيد منها في الوقت نفسه إذا علم آل روتشيلد أن البنك سيتأسس مهما كلف الأمر فإنهم لن يظلوا ينظرون إلى الأمر ببرود أرستقراطي.
إن توسيع رأس المال الذي يخطط له الآن سيجعل من البنك اليهودي عاملاً له أهميته في العالم المالي. وكل ما في الأمر هو أن يكون لهؤلاء الناس مخيلة تمكنهم من رؤية ما سيكون خلال ثلاثة أو أربعة أشهر من الآن أو أي شيء آخر تسمح لهم مخيلتهم النائمة على أكياس المال أن يروه في هذا يستطيع صادوق خان أن يساعدنا كثيرًا. يجب أن نعرض الأمر على آل روتشيلد جديًا. ولكن ماذا عساهم يتأملون من هذا البنك اليهودي أو ماذا يخافون؟ إذا حاولوا إثارة الرأي أو رفضونا بشكل مضر فسوف أثير ضدهم حرب عصابات خاصة إذا عرفت أنك تقف في جانبي في هذا سننتقم متى جاء الوقت.
ولكن ربما لا يأتي مثل هذا الوقت الذي به يرفضوننا وأنا أفضل ألا يأتي لأسباب سياسية مع أني أعتبرهم طفيليين وأنا حاقد عليهم من كل قلبي. إذن إذا لم يعارض آل روتشيلد فكرة البنك ولم يرفضوه علنًا فإنهم سيستفيدون منه من ناحيتين:
1 - يستفيدون منه كيهود لأنه سيعمل على حل المسألة اليهودية.
2 - وسيستفيدون منه كرجال أعمال بطرق متعددة. وعلى عكس ما يراه بوزنانسكى أنا اعتقد أنه من الأفضل ألا يأخذ آل روتشيلد دورًا علنيًا في هذا البنك لئلا يقول الناس إن المتمولين اليهود متكتلون فيه وبهذا يكسب البنك عداوات عليه أن يبدأ بمحاربتها منذ البدء (وإن كان مثل هذا التكتل بطبيعته قوة) إنه بدون آل روتشيلد يبدو وكأنه ضدهم وهذا يكسبه شعبيةً وعطفًا. على أن آل روتشيلد يستطيعون أن يحموا أنفسهم إذا كان لهم ممثلون في البنك يؤثرون عليه بواسطتهم تأثيرًا غير ظاهر. هذه فكرة فكرت بها منذ وقت طويل وهي أن آل روتشيلد لا بد أن يحتاجوا إلى بنك كهذا إذا اضطروا أن يصفوا أموالهم خوفًا من الكره المنصب عليهم أو إذا ما أرادوا أن يحموا ثروتهم (التي يبدوا أنها أقوى من أن يحل بها أية كارثة).
ماذا سيكون وقع هذه الفكرة في عقول هؤلاء الناس وإلى أي حد يستطيعون أن يقبلوها. هذا ما لا أستطيع أن أعرفه.
على كل حال أنا أظن أنني وضحت لك الحالة الراهنة وبعد هذا يبقى أن يكون لك دور في العمل ولن أسألك عن هذا الأمر الآن لأني أعتقد بأنه سيكون التكملة المنطقية لما قد بدأت بعمله حتى الآن. يحسن بك أن تتصل بصادوق خان في أقرب وقت ممكن وبالطريقة التي تظنهـا الأفضل على أن يكون ذلك شفهيًا فقط. ولك أن تستعمل حكمتك في تقديم الأمر له. إنه رجل طيب ويهودي مخلص إنما هو من مريدي آل روتشيلد وهو سريع التأثر وسيفهمك بالقليل من الكلام. وهو كما قلت مقرب من آل روتشيلد وخاصة الفونس روتشيلد. حاول أن تؤثر فيه وأره كيف يمكن أن يساعدنا. أفهمه أننا لسنا نطلب أية تضحية مادية من هؤلاء المتاجرين بأموال المساكين. إن ما هو مطلوب منا الآن بعد أن نكون قد حزنا على الرأي العام من أجل فكرتنا المجنونة وذلك بدعمنا إياها بأقلامنا وكتاباتنا إنما ما هو مطلوب بعد هذا هو شبه نقابة من الذين يضمنون النجاح الكبير لهذا الاشتراك حتى تنمو الصهيونية لتكون قوة حقيقية. اجعله يعمل ما في وسعه من أجل هذه الغاية.
يجب أن يصبح بنك الاستعمار اليهودي البنك اليهودي الوطني. إن ناحيته الاستعمارية يجب أن تكون واجهة عرض فقط يجب أن نخلق أداة مالية قومية ولكن إن هم اضطرونا أن نسير حفاة كجنود الجمهورية الأولى فسوف ننتقم لسوء حالنا.
كلمة أخيرة بخصوص الخطوة التالية. سنستأجر سفينة في نيسان (ربما طلبنا من كوك أن يقوم بتلك الترتيبات) لنذهب إلى فلسطين مدة أربعة أسابيع. لا أريد أن أذيع هذا بعد. إنني الآن أقوم بتقديرات وحسابات لأعرف تكاليف كل مسافر. ربما وصلت المصاريف عن الشخص الواحد ألف فرنك. بعد أن نعود من هذه الرحلة التي سندعو لها عددًا من كبار الناس يبدأ العمل على تقديم الاشتراكات للبنك.
يمكنك أن تخبر صادوق عن هذا ولكن لا تخبر أحدًا غيره لأنه يجب أن أقوم بترتيبات أولاً في القسطنطينية.
________________________________________