رسالة هرتزل إلى لورد سولزبرى
ديسمبر سنة 1896
هذا عامل يجدر بالسياسة الإنجليزية في الشرق أن تقدره حق قدره عامل جديد بكل تأكيد.
بإمكان اللورد سولزبرى أن يضرب بواسطته ضربة معلم. إن تقسيم تركية في الوضع العالمي الحاضر، الذي يسيطر عليه الحلف الروسي - الفرنسي، قد يضع إنجلترة في مأزق خطير. إن تقسيمًا كهذا، الآن، لا بد أن يكون خسارة بالنسبة لإنجلترة. ولذلك عليها أن تسعى نحو التوازن الدولي الذي لا يحافظ عليه إلا إذا صححت مالية تركية. وهذا ما دعا روسية أن تحبط التدابير الحالية المقترحة. فإنها تبغي انحلال تركية وانقسامها. إلا أن هناك طريقة لتصحيح المالية التركية وبالتالي المحافظة على التوازن الدولي لمدة أطول ولإيجاد طريق جديد إلى الهند في الوقت ذاته، وهو الطريق الأقصر بالنسبة إلى إنجلترة.
يُجْرَى هذا كله دون أن تخسر إنجلترة قرشًا واحدًا دون أن تلزم نفسها علنًا بأي شيء.
أقصد بهذه الطريقة إنشاء دولة يهودية في فلسطين لها استقلال ذاتي، مثل مصر، تحت سيادة السلطان. وكما نعلم، مهدت الجو لهذا المشروع في زيارتي للقسطنطينية في الصيف الماضي. والأمر ممكن إذا توافر لنا دعم دولة كبرى، أكرر هنا أنه دعم مخفي. وما دام السلطان لا يزال هو السيد غير المنازع، ما من قوة تستطيع أن تمنعه من دعوة اليهود إلى الهجرة إلى فلسطين. وسوف نحصل له، مقابل عمله هذا، على قرض كبير على الضريبة التي سيؤديها اليهود له والتي ستكون مؤمنة مسبقًا.
وسيكون من مصلحة إنجلترة بناء خط حديدي، رأسًا، عبر فلسطين من البحر المتوسط إلى الخليج الفارسي، أو ربط هذا الخط بما يصبح ضروريًا، بفضل حاجات المواصلات الحديثة، من خط عبر فارس وبلوخستان وربما الأفغان إلى الهند. ستجني إنجلترة هذه المكاسب بدون مصاريف وبدون أن يعلم العالم شيئًا عن دورها. إذ بينما تعد روسية خطًا حديديًا إلى آسية، في الشمال، سيكون لبريطانية، في الجنوب، طريق احتياطي حيادي إلى الهند، في حال قيام مصاعب في قناة السويس. إذا أراد اللورد سولزبرى تفحص هذه الفكرة عن كثب تحت تصرف سفيره، أو تحت تصرفه شخصيًا في لندن إن استدعاني.
________________________________________