تقرير في رد تهم تعاطي البغاء و المشاركة و التوسط فيه

حيث أحيل المنوبون على عدالة الجناب و ذلك لمقاضاة كل من س. و غ.. من أجل تعاطي البغاء السري و مقاضاة .... و ..... فالأول من أجل المشاركة في الخناء و الثاني من أجل التوسط فيه .
و حيث يتضح مما له أصل ثابت بمظروفات الملف أن الإحالة فاقدة لمقوماتها القانونية و الواقــــعية و بيان ذلك الآتي:
أولا في خصوص تهمة تعاطي الخناء الموجهة للمنوبتين س. و غ.:
حيث إقتضى الفصل 231 من م ج على أنه" النساء اللاتي في غير الصور المنصوص عليها بالتراتيب الجاري بها العمل يعرضن أنفسهن بالإشارة أو بالقول أو يتعاطين الخناء و لو صدفة يعاقبن بالسجن من ستة أشهر إلى عامين و بخطية من عشرين دينارا إلى مائتي دينارا و يعتبر شريكا و يعاقب بنفس العقوبات كل شخص إتصل بإحدى تلك النساء جنسيا".
و حيث يتضح من هذا الفصل أن المشرع إعتبر الخناء هو إشباع الشهوة الجنسية للغير بمقابــــــــــــل مهما كانت طريقة ذلك ، إذ لقيام جريمة تعاطي الخناء لابد من توفر ركنين أساسيين وهما تعود بيع الجسد للعديد من الرجال و قبض مقابل ذلك.
أ-إنتفاء ركن تعود بيع الجسد للغير في قضية الحال:
حيث يتبين من أوراق ملف قضية الحال أن المنوبتين لم تكن بصدد ممارسة الجنس مع صديقيهما بل الأمر لا يعدو أن تكون مسامرة ليلية بمنزل المنوب ج. إذ أثبتت الأبحاث أن جميع المحالين يعرفون بعضهم البعض و أن تواجدهم بمنزل المنوب ج. كان لقضاء أمسية هناك و دون أن يقترن ذلك بممارسة الجنس.
و حيث و مع ذلك فإن الفصل 231 في فقرته الثانية إشترط لقيام الجريمة ثبوت ممارسة المرأة للجنس مع شريكها كأن يقع ضبطهما في حالة تلذذ جنسي وهو ما خلا في قضية الحال إذ أكد باحث البداية من أن المنوب " ج أذن لنا بدخول المنزل و بولوجنا داخله عثرنا على شاب ثاني تبين أنه ل و كان مستغرقا في النوم كما وجدنا بالمكان فتاتين ..".
و حيث أن فقه القضاء مستقر على إعتبار أن" تواجد المتهمين و المتهمات بمحل واحد ليلة الواقعة لا يشكل في حد ذاته الجريمة المشار إليها أعلاه وهو أمر غير كاف لقيام الجريمة لإنعدام ركن المقابل" ( لطفا يراجع ق ت ج عـ46497ـدد مؤرخ في 25/06/1997 ن م ت ق ج س 1997 ص 73..).
حيث و من ناحية ثانية فقد أكدت محكمة التعقيب في عدة قرارات أن جريمة البغاء السري لا تتوفر إلا إذا ثبت أن المرأة إعتادت بيع العرض ( لطفا يراجع ق ت ج عـ7509ـدد المؤرخ في 21/12/1970ن م ت 1970 ص 219 *** ق ت ج عـ3634ـدد المؤرخ في 21/07/1979 ن م ت 1979 ق ج ص 192 *** و ق ت ج عـ48419ـدد المؤرخ في 17/01/1995 ن م ت 1995 ص 116...).
و حيث أن الملف خال تماما مما يؤكد أن المنوبتين تعودنا ممارسة الجنس مع الرجال مع تأكيدنا من أنهم كانوا في وضع عادي سواء قبل أو عند ولوج أعوان الأمن للمكان فإن التطبيق السليم للفصل 231 يشترط ضرورة إثبات ركن التعود بما يجعل هذا التهمة مختلة.
ب-إنتفاء ركن المقابل:
حيث لا جدال من أن تعاطي البغاء السري تنطوي على عنصر الإتجار بالجسد بتمكين الغير من التلذذ جنسيا به و لا يمكن أن نتصور إتجارا بدون مقابل و من أجل هذا أقر فقه القضاء التونسي أن هذه الجريمة تقتضي أساسا ركن المقابل الذي تتقاضاه المرأة كأجر تعاطيها البغاء يقدمها لها من إتصل بها جنسيا من الرجاء فلا مؤاخذة بدون هذا الركن إذ تنتفي الجريمة بإنعــــــــــــــدامه و صدرت في هذا المعنى عدة قرارات نذكر منها على سبيل المثال القرار التعقيبي عـ7509 المؤرخ في 21/12/1970 ن م ت 1970 ق ج ص 219***ق ت ج عـ9369ـدد المؤرخ في 16/05/1973 ن م ت 1973 ق ج ص 202***ق ت ج عـ11208ـدد المؤرخ في 16/04/1975ن م ت 1975 ق ج ج 2 ص 22***ق ت ج عـ15255ـدد المؤرخ في 05/01/1988 ن م ت ق ج عـ1ـددس 1988 ص 145" أن مواقعة أنثى مقابل بعض المأكولات و المشروبات بدون مقابل مالي لا تتكون معه جريمة البغاء السري على معنى الفصل 231 من ق ج لأن عنصر المقابل مفقود" ق ت ج عـ8946ـدد مؤرخ في 12/06/1985 ن م ت ق ج عـ1ـدد س 1986 ص 69" جريمة الخناء السري أوجب فيها القــــــــانون و فقه القضاء تعود البغي على ذلك و أخذ المقابل منه و لا وجود للجريمة بدونهما..").
و حيث أن القضاء متفق على وجوب أن يكون المقابل ماليا و ليس مجرد هدايا أو عطايا ( مثلا ق ت ج عـ9369ـدد المؤرخ في 16/05/1973 ن م ت ق ج ص 202).
و حيث و بالرجوع إلى وقائع قضية الحال يتضح أن المنوبتين لم تتسلمتا أي مقابل سواء ماليا أو غيره من صديقيهما لأن إرادتهما لم تتجه إطلاقا إلى ممارسة الجنس معهما من ناحية و ثانيا أن تواجدهما كان بغية المسامرة لا غير.
و حيث متى إنتفى هذا الركن تنفي معه الجريمة بما يتجه القضاء بشأنهما بعدم سماع الدعوى.
ثانيا في خصوص المنوبين ج و ل:
حيث أحيل المنوب ج من أجل التوسط في الخناء في حين وجهت تهمة المشاركة فيه للمنوب ل.
أ‌- في خصوص تهمة التوسط في الخناء الموجهة ضد المنوب ج:
حيث تقتضي الوساطة في الخناء إلى القيام بأحد الأعمال المنصوص عليها صلب الفصل 232 من م ج كإعانة و حماية و مساعدة خناء الغير و السعي لجلب الناس إليه و مقاسمة المحصول و تسلم الإعانات و معاشرة شخص يتعاطى الخناء وهي صور غير متوفرة على الإطلاق في قضية الحال فلا وجود لمساهمة نشيطة و حقيقية و مادية لها علاقة مباشرة بتعاطي الخناء ( ق ت ج عـ36154ـدد الصادر في 22/01/1992 ن م ت 1992 ص 194)أو إستفادة ما من أموال التي تتقاضاها المرأة أو وجود مساكنة لها مع عدم توفر على مورد رزق و بالتالي فإن ركن التوسط منتفي تماما كإنتفاء الخناء نفسه بالملف مما يتجه القضاء بشأنه بعدم سماع الدعوى.
ب‌- في خصوص تهمة المشاركة في الخناء الموجهة ضد المنوب ل:

حيث أكد باحث البداية أن المنوب ل. كان زمن دخول الأعوان للمنزل نائما و بالتالي فإن الركن المادي للجريمة المتمثل في الإتصال الجنسي منتفيا تماما .
و حيث يتجه القضاء في حق المنوب ل بعدم سماع الدعوى.
لـــــــــذا الرجاء من عدالة الجناب التفضل بالقضاء بعدم سماع الدعوى في حق جميع المنوبين.

و للجناب سديد النظر و السلام.