مذكرة لسان الدفاع في دعوي صحة الرئيس ضد ابراهيم عيسي
تم نشر بموقعنا خبر تأخير قضية إبراهيم عيسى إلى
جلسة 28 سبتمبرالمقبل و فيما يلي نورد مذكرة الدفاع في حقه كما وردت من المصدر
الوقــائــــع
حركت النيابة العامة ضد المتهم الدعوى رقم 195 لسنة 2007 جنح أمن دولة طوارئ ، حيث نسبت إليه قيامه ببعض الأفعال المؤثمة قانونا وفقا لنص المادتين 102 مكرر ، 188 من قانون العقوبات ، حيث نسبت إليه القيام فى غضون الفترة من 27/8/2007 حتى 30/8/2007 بدائرة قسم بولاق :
أولا : أذاع إخبارا وبيانات وإشاعات كاذبة من شأنها إلحاق الضرر بالمصلحة العامة
وذلك بأن نشر بالعدد رقم 130 من جريدة الدستور والتى يتولى رئاسة تحريرها والكتابة فيها خبرا كاذبا بعنوان " أنباء عن سفر الرئيس مبارك إلى فرنسا لمدة يوم واحد للكشف الطبى عليه "
وبالعدد 132 أخبارا كاذبة بعنوان " الرئيس مبارك مريض بقصور بالدورة الدموية مما يقلل من نسبة وصول الدم إلى أوعية المخ "
وعنوانا آخر أورد فيه مستقبل مصر مرهون بقرارات عاطفية يتخذها الرئيس لحظة مرضه
كما نشر بذات العدد مقالا تحت عنوان " الآلهة لا تمرض " تضمن أخبارا وبيانات كاذبة أكد فيها شائعات المرض ، مما أدى إلى انخفاض مؤشر البورصة بصورة غير عادية وتصفية المستثمرين الأجانب لاستثمارات بلغت قيمتها أكثر من ثلاثمائة وخمسين مليون دولار الأمر الذى أضر بالمصلحة السياسية والاقتصادية للبلاد .
ثانيا : نشر وبسوء قصد ، وبإحدى طرق العلانية أخبارا وإشاعات وبيانات كاذبة كان من شأنها إلحاق الضرر بالمصلحة العامة
بأن نشر بسوء قصد وبطريق الكتابة والرسوم التوضيحية فى عددى جريدة الدستور المشار إليهما الأخبار والبيانات والإشاعات الكاذبة موضوع الاتهام السابق ، مواليا تكرار النشر دون اعتبار للثابت من عدم صحتها إذ نشر بالعدد رقم 132 مقالا تحت عنوان " زيارة مبارك إلى برج أبو العرب فشلت فى القضاء على شائعة مرضه ، أكد خلالها تلك الأخبار والإشاعات مما الحق الضرر بالمصلحة العامة .
ورغم ذلك قدم المتهم للمحاكمة الجنائية إمام محكمة جنح بولاق أبو العلا رغم قيد الدعوى امن دولة طوارئ ، وقيدت الدعوى مرة أخرى برقم آخر 12663 لسنة 2007 جنح بولاق أبو العلا
كذلك أكدت محكمة جنح بولاق أبو العلا العادية أنها صاحبة الاختصاص الأصيل بنظر الدعوى ، وبالفعل قامت بنظر الدعوى ، وأصدرت حكما حضوريا بتاريخ 26/3/2008 بإدانة المتهم لقيامه بالأفعال المؤثمة قانونا وفقا لنص المادة 188 من قانون العقوبات فقط ، حيث أفصحت عن وجود تكرار للجريمة وتنازع ظاهرى بين نصي المادتين 102 مكرر ، 188 من قانون العقوبات، يستوجب على المحكمة تطبيق احدهما واستبعاد الآخر ، وحيث أن الواقعة المنسوبة للمتهم قد ارتكبت عن طريق النشر بإحدى الصحف ، فالمادة 188 هى المادة واجبة التطبيق .
ورفضت كافة الدفوع المبداة من دفاع المتهم ، وكذلك رفضت الدعوى المدنية المقامة من المدعى بالحق المدنى ، والدعوى المدنية المقابلة .
إلا أن هذا الحكم لم يلاقى قبولا لدى النيابة العامة فقامت بالتقرير بالاستئناف وأودعت مذكرة بأسباب الطعن بالاستئناف ، يتضمن خطأ محكمة أول درجة فى القانون لإفصاحها عن وجود تنازع ظاهرى بين نصى المادتين 102 مكرر ، 188 من قانون العقوبات ، ومخالفتها للقانون لمعاقبة المتهم بموجب نص المادة 188 واستبعاد تطبيق نص المادة 102 مكرر من قانون العقوبات على ما هو منسوب إلى المتهم .
وبجلسة 6/7/2008 أثناء نظر الاستئناف الماثل أمام محكمة جنح مستأنف بولاق أبو العلا ، تقدم الدفاع عن المتهم بالعديد من الدفوع الشكلية و منها :
– عدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانونى
- عدم دستورية المادة 188 من قانون العقوبات
وتمسك الدفاع بالفصل فيما أبداه من دفوع أولا قبل الدخول فى موضوع الدعوى ، حيث يترتب علي ذلك ما يبدو من دفوع فى موضوع الدعوى ، وقد استجابت المحكمة لطلب الدفاع عن المتهم ، وحددت جلسة 13/7/2008 للفصل فيما ابدي من دفوع ، وبتلك الجلسة حكمت المحكمة حضوريا شخصيا قبل الفصل فى شكل الاستئناف برفض الدفوع المبداة بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذى رسمه القانون ، والدفع بعدم دستورية نص المادتين موضوع الاتهام ، الدفع ببطلان استجواب المتهم ، والدفع ببطلان إجراءات التحقيق وإعادة الدعوى للمرافعة بجلسة 27/7/2008 لإبداء المرافعة فى موضوع الدعوى والاتهام .
يتمسك الدفاع بكافة أوجه الدفوع والدفاع المبداة من قبل والثابتة بمحاضر الجلسات ومذكرات الدفاع ، ونقصر هذه المذكرة على الدفوع التالية :
1– انتفاء الركن المادى للجرائم المنسوبة للمتهم (الخبر الكاذب – الشائعة )
2 – انتفاء القصد الجنائى فى حق المتهم
3 – توافر أسباب الإباحة
4– انعدام النتائج المنصوص عليها بمواد الاتهام كشرط تجريم (افتقاد أدلة الثبوت لصحيح القانون لقيامها على الظن والافتراض – أقوال شهود النفى يسقط الاتهام المسند )
5 – عدم قبول الدعوى المدنية
أولا : انتفاء الركن المادى فى حق المتهم
يجب لقيام المسئولية الجنائية ثبوت قيام العلاقة المادية بين المتهم والجريمة .
اى ثبوت إسناد الجريمة للمتهم والمقصود بذلك أن تكون الجريمة التي وقعت قد نشئت عن تصرف المتهم سواء كان فاعلا أصليا لهذه الجريمة أم شريكا في ارتكابها ، لكن إذا لم يثبت أن للمتهم دخلا فى حدوث الفعل لا باعتباره فاعلا أصليا ولا باعتباره شريكا فلا يمكن أن يسأل جنائيا ,
فالجرائم لا يؤخذ بجريرتها غير جناتها والعقوبات شخصية
وقد استقر قضاء محكمة النقض على عدم مساءلة الشخص جنائيا عن عمل غيره فلا بد للمساءلة أن يكون من ساهم فى القيام بالعمل المعاقب عليه فاعلا أصليا أو شريكا .
والعبرة فى الجريمة هي بالواقع ، وان تحقيق الأدلة في المواد الجنائية لا يصح أن يكون رهينا بمشيئة المتهم فى الدعوى
( نقض 29/12/1988 س 39 ص391 ونص 19/3/1981 س 32 ص 268
ومما لا شك فيه بداية أن نص المادتين 102 و188 من قانون العقوبات يفرضان قيودا تعسفية على حرية النشر وتداول الأخبار والمعلومات
ونظرة واحدة على ما جاء بالمذكرة الإيضاحية لنص المادة 102 من قانون العقوبات يستبين لعدالة المحكمة مدى خطورة هذا النص الذى جاء من خلال الأمر العسكري رقم 26 لسنة 1952 الصادر فى 5/9/1952
اى أن هذه المادة قد جاءت فى ظل الأحكام العرفية التي عمت البلاد بعد قيام ثورة يوليو وحتى الآن لا يوجد لدينا ثمة تشريعات تكفل حرية تدفق المعلومات من مصادرها الرسمية إلا مشروع باهت لقانون تداول المعلومات القصد منه منع تداول المعلومات .
وان هذا التضييق على حرية تداول المعلومات هو فى حقيقته ومضمونة يؤدى حتما إلى إلا تكون هناك صحافة حرة .
وعلى الجانب الآخر يقول بوما رشيه ( لقد قيل انه وضع نظام خاص لحرية الصحافة يشترط إلا أتكلم في كتاباتي لا عن الطباعة ولا عن الديانة ولا عن السياسة ولا عن الأخلاق ولاعن ذوى المناصب ولا عن الأوبرا ولا عن اى شخص له مكانة ما
وبخلاف ذلك استطيع طبع كل شيء بحرية ولهذا تراني في منتهى السعادة )
( بوما رشيه – مسرحية زواج فيجارو )
والمراد بهذه القيود أن تكون وسائل الإعلام مجرد بوق ونشرة لأعمال الحكومة صحيحة كانت أو كاذبة نافعة أو ضارة صحيحة أو كاذبة ،ونحن نعود مرات عديدة إلى الخلف ففي مؤتمر عقد فى جنيف 1948 لوضع مشروع لحرية الأنباء ، كان المشروع الأول يقضى أن تعتبر وسائل الإعلام وسائل للحكم فى الدولة ومن ثم يتعين إخضاعها لمطلق سلطان الحكومة فلا يصح أن يذاع فيها أو ينشر إلا ما هو متفق مع مصالحها .
والمشروع الثاني يرى إطلاق حرية الأنباء وان ترك الأمر لرقيب من السلطة ينطوي على قيد على الحرية ويؤدى إلى خنقها 1
وهنا نعود مرة أخرى
إلى المواثيق الدولية والاتفاقات الدولية التي صادقت عليها مصر والتي تعادل القوانين المحلية ويجوز التمسك بها أمام القضاء المصري
ولذلك للدفاع الحق أن يتمسك وخاصة في قضايا النشر بهذه الاتفاقيات الدولية
ومنها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذى نص في مقدمته على2
إن الدول الأطراف في هذا العهد،إذ ترى أن الإقرار بما لجميع أعضاء الأسرة البشرية من كرامة أصيلة فيهم ، و من حقوق متساوية و ثابتة ، يشكل ، وفقا للمبادئ المعلنة في ميثاق الأمم المتحدة ، أساس الحرية و العدل و السلام في العالم . وتأكيدا على ذلك جاء نص المادة 19 من ذات العهد يؤكد على :
1-........................... 2-لكل إنسان حق في حرية التعبير . ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين دونما اعتبار للحدود .........................
وهذه المبادئ تسمو على القوانين الداخلية، ومنذ عام 1944 ومحكمة العدل الدولية مستقرة على مبدأ سمو قواعد القانون الدولي العرفية والمكتوبة على أحكام وقواعد القوانين الداخلية فيما بين الدول الأعضاء في الجماعة الدولية 3
وقد صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 536 لسنة 1981 بشأن الموافقة على الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 16/2/1966 والتي وقعت عليها جمهورية مصر العربية بتاريخ 4/8/1967 وكان هذا القرار قد صدر فى أول أكتوبر 1981 4
والمسلم به أن الشرعية وسيادة القانون . أساس الحكم في الدولة . ووجوب خضوع الدولة للقانون والتزام سلطاتها بأحكامه في كافة أعمالها وتصرفاتها.
وبالرجوع إلى ما نشرته جريدة الدستور فى العدد رقم 130 والصادر فى 27/8/2007 كانت صياغته واضحة وضوح الشمس أنها صيغة استفهام
لماذا ... لم يخرج وزير الصحة أو طبيب الرئيس ببيان عن حالته الصحية
حتى يرد على الشائعات التي تتجدد يوميا حول مرض الرئيس
أذن ما تم نشرة مجرد إستفهام
للبحث عن إجابة
وما المقصود من هذا الاستفهام
الهدف من وراء نشر هذا الخبر ..حالة الاستفهام 00حالة الاستنفار والاضطراب الذي عم مصر ..عن حالة الرئيس الصحية
ثم السؤال الذي يطرح نفسه هل ما كتبه المتهم يعد خبرا وهل هو خبر صادق أم خبر كاذب ؟
أم هو كما قررت النيابة العامة إشاعة
وهل ما أسمته النيابة العامة إشاعة هل المتهم هو الذي اختلق هذه الإشاعة أم أنها كانت موجودة ومنتشرة فى ربوع مصر ونشر عنها المتهم مثل كل الجرائد والفضائيات بل وكل وسائل الإعلام التي تناقلت هذه الإشاعة وقبل حتى أن يكتب عنها التهم
وما قررته قرينة رئيس الجمهورية السيدة سوزان مبارك هو نفس ما كتب عنه المتهم
أن صحة الرئيس مبارك زى الفل –
وكان ماكتبه المتهم يوم 24/8/2007 متسائلا أن صحة الرئيس مبارك زى الفل – لماذا تخرج شائعات عن مرضه أو غيابه )
وهذا ثابت من أقوال المتهم في تحقيقات النيابة العامة ص 3 من التحقيقات
وبمراجعة ما استندت إليه النيابة العامة مما كتبه المتم ففى يوم 24/8/2007 تحت عنوان ( العاب نارية )
يقول المتهم ورغم أن الرئيس وعلى مسئوليتي فى صحة تامة وأكمل عافية وبحالة معنوية مرتفعة للغاية .
إلا أن الشائعات لا تصدر من توقعات بل من مخاوف ولا تعبر عن واقع بل عن هواجس )
إلا يعتبر كل هذا كتابة عن الشائعة ولم يكن نشرا لها أو إذاعة لها وفقا لما قررته النيابة العامة .
ولما كان الأصل فى المتهم البراءة ، فأن إثبات التهمة قبله يقع على عاتق النيابة العامة فغليها وحدها عبء تقديم الدليل .
وكل ماله هو أن يناقش أدلة الإثبات التي تتجمع حوله لكي يفندها أو يضع فيها بذور الشك دون أن يلتزم بتقديم أدلة إيجابية تفيد براءته ( د احمد فتحي سرور – الشرعية الدستورية وحقوق الإنسان في الإجراءات الجنائية ) ص203
وجاء حكم المحكمة الدستورية العليا
( الدستور كفل للصحافة حريتها واستقلالها بما يحول – كأصل عام – دون التدخل فى شئونها أو إرهاقها بقيود تؤثر فى رسالتها أو إضعافها من خلال تقليص دورها فى بناء المجتمع )
حكم 3يوليو 1995 القضية رقم 25 لسنة 16 ق دستورية )
والأصل المقرر فى القانونين الدستورى والجنائى انه لايجوز تجريم اى عمل مما يعتبر استعمالا لإحدى الحريات ومنها حرية الصحافة وحرية التعبير ومن باب أولى لايجوز التوسع فى تفسير القيود والجرائم التي تنتج من استعمال هذه الحرية .
فالدستور كفل للصحافة حريتها واستقلالها بما يحول – كأصل عام دون التدخل فى شئونها أو إرهاقها بقيود تؤثر فى أو إضعافها من خلال تقليص دورها فى بناء المجتمع وتطهيره متوخيا دوما لها أفضل الفرص التي تكفل تدفق الآراء والأنباء والمعلومات والأفكار ونقلها إلى المواطنين ليكون النفاذ إليها حقا لا يجوز أن يعاق وباعتبار أن الدستور – وان جاز فرض رقابه محدودة عليها – فذك فى الأحوال الاستثنائية فى مواجهه تلك المخاطر الداهمة التي حددتها المادة 48 من الدستور
حكم المحكمة الدستورية العليا فى 32 يوليو 1995 القضية رقم 25 لسنه 16 ق
وبأن ضمان الدستور لحرية التعبير عن الآراء والتمكين من عرضها ونشرها سواء بالقول أو بالتصوير أو بطباعتها أو بتداولها وغير ذلك من وسائل التعبير قد تقرر بوصفها الحرية الأصل التي لا يتم الحوار المفتوح إلا فى نطاقها وبها يكون الأفراد أحرارا لا يتهيبون موقفا ولا يترددون وجلا ولا ينتصفون لغير الحق طريقا .
وأن أهمية الخبر للجمهور والهدف من النشر كلها أمور تقلل من مسئولية الصحفي أو تزيد منها حسب الأحوال ، فكلما كان موضوع الخبر أو المقال عاما ويهم الجمهور وذا هدف محدد ومشروع ، قلت مسئولية الصحفي عما يتضمنه من قذف وسب أو تشهير والعكس صحيح.