هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 تونس:المحكمة الإدارية تصدر أحكاما استعجالية يوم أحد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
المدير أ/ طه العبيدي
Admin
المدير أ/ طه العبيدي


عدد الرسائل : 5241
الإسم و اللقب : رجال القانون
نقاط : 5743
تاريخ التسجيل : 19/01/2008

تونس:المحكمة الإدارية تصدر أحكاما استعجالية يوم أحد Empty
مُساهمةموضوع: تونس:المحكمة الإدارية تصدر أحكاما استعجالية يوم أحد   تونس:المحكمة الإدارية تصدر أحكاما استعجالية يوم أحد Emptyالإثنين يونيو 01, 2009 9:08 am

المحكمة الإدارية تصدر أحكاما استعجالية يوم أحد
بقلم: إبراهيم البَرتاجي(*)

ما ضاع حقّ وراءه طالب، ولو كان ذلك يوم أحد، نظرت المحكمة الإداريّة يوم الأحد 10 ماي الجاري في قضيّة استعجاليّة وأصدرت في شأنها حكمين مكّنا في نهاية الأمر من اجتناب مأساة عائليّة.

تعلّق الأمر بامرأة وضعت بنتا سبق التعرف عليها بواسطة الكشف بالصّدى وبشّرها بها طبيب المستشفى عند الولادة.

وبعد ذلك شرعت الأمّ في إرضاعها بصفة عادية، ولكن ما راعها إلاّ ومدير المستشفى يقرّر سحب المولودة من والديها واستبدالها بمولود ذكر ولد في نفس اليوم وتم تسليمه، حسب قوله، خطأ إلى امرأة أخرى. كان إذن هنالك عدم تطابق بين ما هو مسجل في دفاتر المستشفى وبين التسليم الفعلي للمولودين لأمّيهما، ونظرا لتأكّد سلطات المستشفى من صحة ما هو مضمّن بالدّفاتر، سعت إلى إصلاح الخطإ الذي شاب التّسليم، وذلك بسحب كل مولود من الأم التي أخذته وتسليمه إلى أمّه الحقيقيّة.

أدخل قرار المستشفى والدي المولودة الجديدة في حالة من الهلع يصعب وصفها، وذلك ليقينها، بالرجوع إلى مختلف المؤشرات، أن البنت بنتهما. وتبعا لذلك امتنعا عن تسليم البنت وخرج الأب باحثا عن حلّ قانونيّ لمعضلته. اهتدى إلى طريق المحكمة الإداريّة ووجد بمقرّها من يستمع إلى شكواه بالرّغم من أنّ اليوم يوم أحد. تمّ الاتصال بالرّئيس الأوّل للمحكمة فحضر بمقرها، كما حضرت معه رئيسة إحدى الدّوائر الابتدائية. وفي نفس اليوم، ونظرا لحالة التأكّد الشّديد، تمّ إصدار قرار يقضي بتأجيل تنفيذ القرار الصادر عن مدير المستشفى(I). كما تمّ إصدار حكم استعجالي يتعلق بالتّحليل الجيني الواجب إجراؤه للتأكّد من نسب المولودين(II).

I - قرار تأجيل التّنفيذ

يحسن بدءا التذكير بالمبدإ المعروف في القانون الإداري والذي مفاده أنّ القرار الإداري ينفّذ مباشرة بعد صدوره وأن الطعن فيه أمام القضاء الإداري لا يوقف تنفيذه، لكن قانون المحكمة الإدارية الصادر سنة 1972، كما تمّ تنقيحه بالنّصوص اللاّحقة، يسمح في فصليه 39 و40 للرئيس الأوّل للمحكمة بالتدخّل بصفة استثنائية لتعليق تنفيذ قرار إداري إلى حين البتّ فيه قضائيّا.

ويميّز النصّ، حسب درجة التأكّد، بين إجراءين يمكن اتخاذهما. يجوز للرئيس الأوّل أن يصدر قرارا في توقيف التنفيذ في أجل شهر من تقديم المطلب إليه، وذلك إذا كان الطّلب يستند إلى أسباب جديّة في ظاهرها وكان تنفيذ القرار الإداري المشتكى منه من شأنه أن يسبّب للمعني بالأمر نتائج يصعب تداركها. كما يمكن للرئيس الأوّل في صورة التأكّد أن يأذن فورا بتأجيل تنفيذ ذلك القرار. ويضيف النصّ أنّه في صورة شديد التأكّد يجوز للرئيس الأوّل أن يأذن بتنفيذ ما حكم به طبقا للمسودّة.

اعتبر الرئيس الأوّل للمحكمة الإداريّة أنّ المطلب المقدّم له من طرف والد المولودة الجديدة يندرج في إطار هذه الحالة الأخيرة. وتبعا لذلك أذن بتأجيل تنفيذ قرار مدير المستشفى وبالعمل بما حكم به فورا بالاستناد إلى مسودّة الحكم. استند الرئيس الأوّل في حكمه إلى الفصل 40 من قانون المحكمة الإداريّة الذي يذكر في هذا الشأن «صورة التأكّد». وهي صورة لم يعرّفها النصّ ولم يبيّن كنهها. وكان بإمكان الرئيس الأوّل أن يكتفي بذكرها أو حتى لا يذكرها، نظرا إلى أنّ النصّ لا يلزمه بتعليل قرار تأجيل التنفيذ. لكنّه ارتأى أن يبيّن أن عنصر التأكّد متوفّر معتبرا أن تنفيذ قرار مدير المستشفى المشتكى منه من شأنه أن يؤدّي إلى نتائج يصعب تداركها. وهو تعليل قد يدخل بعض الغموض على التميّيز القائم بين توقيف التنفيذ وتأجيل التنفيذ باعتبار أنّ شرط النتائج التي يصعب تداركها مذكور في خصوص توقيف التنفيذ ولا يكفي مبدئيا للإذن فورا بتأجيل التنفيذ.

ويمكن القول أنّه في صورة الحال يتجاوز الأمر حالة النتائج التي يصعب تداركها إلى الحالة التي يصبح فيها التدارك مستحيلا، باعتبار أنّ قرار مدير المستشفى إذا هو نفّذ قد ينتج أضرارا نفسيّة ومادية لا يمكن إصلاحها أبدا. فهل هنالك أخطر من أن يتم افتكاك مولودة من امرأة بصدد إرضاعها وهي على يقين من أنّها ابنتها؟

ولم يكتف الرئيس الأول بالإذن بتأجيل تنفيذ القرار المشتكى منه، بل أذن كذلك بأن يتمّ تنفيذ ما حكم به على المسودّة، أي بدون انتظار تسجيل الحكم أو أي إجراء آخر. وبذلك يكون اعتبر أنّ الأمر محفوف بشديد التأكّد كما جاء ذلك في الفصل 40 من قانون المحكمة الإداريّة. والملاحظ أنّه من المفارقات أن ينصّ الفصل 40 المذكور على التنفيذ طبقا للمسودّة في خصوص توقيف التنفيذ ولا ينص على ذلك في خصوص تأجيل التنفيذ، ولكن وجب هنا النفاذ إلى روح النصّ واعتبار أنّ إمكانية الإذن بالتنفيذ على المسودّة تفرض نفسها، من باب أولى وأحرى، إذا كان الحكم الصادر عن الرئيس الأوّل يقضي بتأجيل تنفيذ القرار الإداري المشتكى منه.

إنّ تأجيل تنفيذ القرار الصادر عن مدير المستشفى يؤدّي إلى ضمان بقاء الحالة على ما هي عليه، وهي ولا شكّ خطوة هامّة للتوجّه بتروّ نحو الحلّ القانوني الذي يضمن حقوق مختلف الأطراف، فبعد الإذن بما يتعيّن اجتنابه جاء دور الإذن بما يجب القيام به وهو موضوع الحكم الاستعجالي الذي أصدرته المحكمة الإداريّة.

II - الحكم الاستعجالي

لم يكتف والد المولودة الجديدة بطلب تعطيل تنفيذ قرار مدير المستشفى، بل طلب كذلك أن يتم الإذن استعجاليّا للمؤسّسة الصحيّة بإجراء التحليل الجيني لتحديد مسألة النسب محلّ الخلاف بينه وبين إدارة المستشفى.

ويندرج الطلب في إطار القضاء الإداري الاستعجالي الذي شهد تطورا ملحوظا مع تنقيح قانون المحكمة الإدارية سنة 1996. ينصّ الفصل 81 من هذا القانون في هذا الشأن على أنّه في حالات التأكّد يمكن لرئيس الدائرة أن يأذن استعجاليّا باتّخاذ الوسائل الوقتيّة المجدية بدون مساس بالأصل.

فهذا النوّع من المطالب لا ينظر فيها الرئيس الأوّل للمحكمة، وإنّما ينظر فيها رئيس الدائرة الذي تحال له القضيّة، وذلك بحسب مستواها الإجرائي إن كان ابتدائيا أو استئنافيا. وبما أنّ قضيّة الحال كانت في المستوى الابتدائي فقد نظرت فيها رئيسة إحدى الدوائر الابتدائية. أوّلت رئيسة الدائرة المطلب المقدّم من طرف والد المولودة الجديدة على أنه يهدف إلى القيام بالتّحليل الجيني في خصوص الطفلين المولودين في نفس اليوم، والحال أنّ المعني بالأمر اكتفي، على ما يبدو، بطلب ذلك التحليل في خصوص المولودة التي كان على يقين أنها ابنته، وهو تأويل في محلّه باعتبار أنّ الأمر يتعلّق بقضيّة واحدة، كما أنّ الفصل 81 من قانون المحكمة الإدارية يسمح لرئيس الدائرة بالإذن استعجاليا بمختلف الوسائل التي يراها مجدية.

والملاحظ أنّ رئيسة الدائرة اجتنبت التوقّف عند بعض الألفاظ الواردة بالفصل 81 المذكور والتي قد يؤدّي الاهتمام بها بصفة مشطّة إلى تضييق مجال تدخّل القاضي الإداري، الاستعجالي بصفة لا تتماشى مع ما أراده المشرّع. فما طُلب من القاضي الإداري، أي الإذن بإجراء التحليل الجيني، لا يمثّل في حقيقة الأمر طلبا يتعلّق بوسيلة وقتية كما جاء ذلك في الفصل 81 سابق الذّكر، إذ أنّ هذا التحليل هو إجراء أصلي لا يؤدّي إلى نتيجة وقتيّة وإنّما إلى نتيجة قطعيّة، فالصبغة الاستعجالية للإذن بإجراء التحليل وللتحليل ذاته لا تعني بطبيعة الحال أنّ التحليل المأذون به يؤول إلى نتيجة أوّلية يتمّ تأكيدها أو نفيها لاحقا.

كما أنّ عبارة «بدون مساس بالأصل» الواردة بنفس الفصل قد توحي بأنّ الإذن الاستعجالي يتّخذ في إطار قضية أصلية وهو أمر غير متوفر هنا إذ لا وجود لقضية أصليّة تتعلّق بالنسب قدّمها المعني بالأمر أو ينوي تقديمها.

سايرت رئيسة الدائرة روح القانون واعتبرت أنّ وجود حالة التأكّد يفتح الباب واسعا أمام القاضي الإداري للإذن بما يراه وجيها، فجاء هذا الإذن الاستعجالي قاضيا بإجراء التحليل الجيني فورا. ولم تكتف حيثيات الحكم بالإشارة إلى حالة التأكّد بل أضافت إليها كلمة قصوى، وهي كلمة لا نجد لها ذكرا في الفصل 81. ولا يمكن أن نعتبر إدراجها في الحكم من باب التزيد، إنّما كان ذلك، على الأرجح، لتبرير اللجوء إلى الإذن بالتنفيذ على المسودّة، وهي مسألة، وإن لم يقع ذكرها ضمن الأحكام المتّصلة بالمادة الاستعجالية، فإن اللجوء إليها يجعل هذا الحكم الاستعجالي في تناغم مع ما جاء في الأحكام المتصلة بتعطيل تنفيذ القرار الإداري وفي قرار التأجيل الذي اتخذه الرئيس الأوّل.

وقد علمنا أنّ المؤسسة الصحيّة استجابت بطبيعة الحال إلى ما قضت به المحكمة الإدارية حال صدوره، فتم الإبقاء على الحالة كما كانت عليه، كما تمّ توجيه المعنيين بالأمر نحو المصلحة المؤهّلة للقيام بالتّحليل الجيني. كما علمنا أنّ نتيجة التّحليل بيّنت أنه لم يحصل أي خطإ في تسليم المولودين إلى أمّيهما وإنّما دفاتر المستشفى هي التي حصل بها خطأ ليس بالخطير في حدّ ذاته إنّما كاد أن يؤدّي إلى نتائج وخيمة لولا تدخّل القاضي الإداري الاستعجالي بسرعة وحزم جسّما ما يسمّى بالقضاء من ساعة إلى أخرى في أحسن صورة. ولا شكّ أنّ النتيجة التي آل إليها تدخّل القاضي الإداري أدخلت عليه سعادة لا تضاهيها سوى سعادة والدين ببنت ولدت مرتين.

ــــــــــــــــــ

(*) أستاذ بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.tahalabidi-avocat.fr.gd
 
تونس:المحكمة الإدارية تصدر أحكاما استعجالية يوم أحد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» تونس:إعطاء إشارة انطلاق عمل "المحكمة الابتدائية تونس 2"
» تونس: سيضع حدا لتجاوزات العهد البائد : محكمة التعقيب تصدر قرارا يسمح بالطعن في الأحكام الباتة
»  أمر حكومي عدد 210 لسنة 2019 مؤرخ في 5 مارس 2019 يتعلّق بالزيادة في الأجور بعنوان القسط الأول لفائدة القضاة من الصنف العدلي وقضاة المحكمة الإدارية وقضاة دائرة المحاسبات وضبط مقاديرها.
» مصر:السفيرة الأمريكية تعقد اجتماعاً مع رئيس المحكمة الدستورية.. وتسأله عن دور المحكمة في حماية الحريات
» تونس :المحكمة الإبتدائية بالمنستير تقضي بالطلاق للضرر لعدم عذرية الزوجة المدخول بها

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: 2- آخر الأخبار القانونية و أخبار رجال القانون-
انتقل الى: