«وزراء» و «جنرالات» أفارقة وهميون يتحيّلون على رجال أعمال تونسيين
* تونس (الشروق)
تمكن المحققون التابعون لإحدى الفرق الأمنية المتخصّصة في تونس مؤخرا من إلقاء القبض على بعض الأشخاص من أصول إفريقية وبعض العرب لتورطهم في التحيل على تونسيين خاصة من أصحاب المال.
وقد تعدّدت مثل هذه القضايا، التي يذهب ضحيتها تونسيون، يرغبون عادة في الكسب السريع، ولا تغيب عنهم أحيانا قيم «الطمع». ويلاحظ أن عددا هاما من هؤلاء الضحايا يكونون عادة من أصحاب المال، الذين بإمكانهم تقديم مبالغ لقاء ما سيحصلون عليه من خدمات وهمية، ومن بينهم رجال أعمال.
وحسب ملفات بعض القضايا، فإن البداية تكون إما عبر وسيط أو في أغلب الأحيان عبر البريد الالكتروني، إذ ترد رسالة مفادها أن صاحبها كان وزيرا سابقا أو جنرالا كبيرا بجيش احدى الدول الافريقية، وأن أحداثا دموية شهدتها بلاده على إثر حركة تمرّد أسقطت به ومن معه، لذلك وجد نفسه مضطرّا لنقل مبلغ مالي كبير، يتجاوز المائة مليون دولار أمريكي، وأنه أخفى المبلغ في حاوية، وهي موجودة في مكان آمن.
الرسالة تطلب من قارئها أن يساهم بمبلغ مالي، لنقل الحاوية الى تونس مع الالتزام بحصوله على نسبة خمسين بالمائة من المبلغ الجملي. بعض التونسيين الذين وصلتهم تلك الرسائل الالكترونية، يردّون عليها، ويطلبون من باعثها، أن يحدّد لهم طريقة المساعدة على نقل المبلغ وطريقة المساهمة في ذلك.
إحدى تلك القضايا، اتصل إفريقي، بشخص تونسي من أصحاب المال، وطلب منه أن يدفع مبلغ خمسة آلاف دولار مقابل حصوله على نصف المبلغ الجملي بعد دخوله البلاد التونسية، واتفق الطرفان على أن يكون بينهما وسيط.
في الموعد المحدد اتصل شخص عربي، بالمتضرّر التونسي، وتمّ بينهما أكثر من لقاء، اتفقا خلالها أن يتمّ تسديد المبلغ على دفعتين، وقد جرت جل اللقاءات بإحدى مقاهي الضاحية الشمالية. بعد أن تسلّم الوسيط المبلغ، أغلقت كل أرقامه الهاتفية، ولم يعد يشاهد في الأماكن التي تعوّد على التردّد عليها، كما لم يعد في العنوان الذي أقام به لمدّة.
بعد محاولات متكرّرة من المتضرّر للحصول على الوسيط أو الشخص ا لافريقي، دون فائدة، تأكد من أنه تعرّض الى عملية تحيّل، لذلك اضطرّ الى المحقّقين، ليقدّم دعواه.
أشخاص آخرون، كانوا ضحايا عمليات تحيّل من أفارقة فتقدّموا بدعاوى الى المحققين، وتمّ ابلاغ النيابة العمومية التي أذن ممثلها بالقيام بالأبحاث والتحقيقات اللازمة.
انطلقت الأبحاث الى أن تمكّن المحققون من إلقاء القبض عبر أكثر من مرحلة، على خمسة أشخاص من أصول إفريقية، كما تمكنوا من إلقاء القبض على شخص عربي، لعب دور وسيط في عدد من قضايا التحيّل.
وقد اعترف المتهمون بكل ما نسب إليهم، وبقيامهم بأكثر من عملية تحيل على عدد من التونسيين الذين دفعوا مبالغ مالية تراوحت بين الألف والستة آلاف دولار أمريكي، كما تمكن المحققون من إلقاء القبض على بعض المتهمين الأفارقة، الذين أقنعوا المتضرّرين من التونسيين، بأنهم كانوا وزراء أو جنرالات في جيوش بلادهم، وأنهم تمكنوا فعلا من تهريب مبالغ مالية طائلة تقدىّر بمئات الملايين من الدولارات، إلا أن تلك الأوراق المالية طليت بمادة سوداء أثناء تهريبها، وأن مادة تباع في أوروبا يصل ثمنها الى خمسة آلاف من الدنانير التونسية، هي الوحيدة القادرة على إعادة ا لأوراق المالية، من الدولار، الى صورتها الأصلية الطبيعية.
وقد دفع بعض التونسيين، من الضحايا مبالغ مالية وصلت أحيانا الى قرابة العشرين ألف دينار تونسي، إلا أنه بمجرّد تسليم المبلغ، فإن الافريقي يختفي دون رجعة، وقد تكرّرت مثل هذه العمليات وتضرّر منها العديد.
أخذ المحققون على عاتقهم الكشف عن كل ملابسات تلك القضايا وعن هويات مقترفيها، وقد انطلقت الأبحاث والتحقيقات الى أن تمكنوا من إلقاء القبض على البعض منهم، فيما تحصّن البعض الآخر بالفرار.
وتمّت إحالة الموقوفين من المشتبه بهم على القضاء، وتراوحت الأحكام في بعض القضايا من العام الى الثلاث سنوات، فيما لا تزال قضايا أخرى منشورة، في الوقت الذي يسعى فيه المحققون للكشف عن قضايا أخرى تورّط فيها أفارقة وعرب يتحيلون على تونسيين بينهم رجال أعمال يرغبون في الثراء السريع والكسب غير المتعب.
