بعد توصية الحكومة باحترام موعد 24 جويلية
الكرة تعود إلى الهيئة المستقلة للانتخابات...
في خطوة غير متوقعة فاجأت الجميع رفضت الحكومة الانتقالية التي يترأسها الباجي قائد السبسي، مقترح الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تأجيل انتخابات المجلس الوطني التأسيسي إلى 16 اكتوبر، وأوصت بأن تتم الانتخابات في موعدها المحدد في 24 جويلية.
وكانت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي يترأسها كمال الجندوبي قد فاجأت بدورها الراي العام والأحزاب والمجتمع المدني باقتراحها تأجيل الانتخابات في ندوة صحفية عقدت على عجل يوم الأحد الماضي بمقر الهيئة بشارع محمد الخامس بالعاصمة.
وتعللت الهيئة التي اوكلت اليها مهمة تنظيم واعداد اول انتخابات حرة ونزيهة في تاريخ تونس، بصعوبات تقنية وفنية بحتة تمنعها من تنظيم انتخابات حسب المعايير الدولية، وأكدت أن تنظيم الانتخابات يتطلب 22 أسبوعا على الأقل لتحضير قائمات الناخبين والتثبت منها وبعث فروع للهيئة وانتداب مشرفين على مكاتب الاقتراع وتكوينهم...
وخلف قرار الهيئة المستقلة للانتخابات التي بالكاد يمر عليها اليوم أسبوع على انتخابها واكتمال تركيبتها، ردود فعل متباينة داخل الشارع التونسي وخاصة بين الأطراف السياسية ومكونات المجتمع المدني بين رافض لتأجيل الانتخابات، وبين مؤيد لمقترح الهيئة واستند كل فريق إلى معطيات موضوعية وتقنية وقانونية لدعم موقفه.
ويبرر رافضو موعد 24 جويلية بعدم جهوزية الاحزاب السياسية لهذا الموعد اما رافضو التأجيل فيعللون موقفهم بالكلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والامنية المتوقعه لكل يوم تأخير على مصالح الشعب التونسي ومستقبله.
إذن بعد أخذ ورد يبدو أن لعبة تأجيل الانتخابات او الابقاء على موعدها لم تحسم بعد، فالكرة هذه المرة تعود إلى الهيئة المستقلة للانتخابات التي ستجتمع اليوم الأربعاء لمناقشة قرار الحكومة الانتقالية والإصداع بموقفها النهائي في موضوع موعد الانتخابات، وذلك وفق ما أكده كمال الجندوبي لـ"الصباح" رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تصريح خاطف.
جدير بالذكر ان الفترة الاخيرة تميزت بتصاعد الجدل السياسي في تونس بشأن موعد انتخابات المجلس التأسيسي، واحتدم النقاش خاصة مع الغموض الذي رافق موقف الحكومة الانتقالية من موعد الانتخابات في البداية خاصة بعد التصريح المتلفز للوزير الأول الذي أشار إلى امكانية التأجيل إذا وجدت قوة قاهرة على حد تعبيره، قبل أن يؤكد على تشبث الحكومة بموعد 24 جويلية في تصريحات صحفية اثناء زيارته لفرنسا.
كما كان لموقف الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة التي ولدت منها تركيبة الهيئة العليا للانتخابات نوع من التذبذب في موضوع موعد الانتخابات، عاكسا تباين مواقف اعضاء الهيئة من أحزاب ومنظمات ومستقلين. لكن المهم في الأمر ان اغلبية اعضاء الهيئة كانت مع فكرة التمسك بموعد 24 جويلية المقبل وعدم تأجيل الانتخابات.
ويقول المراقبون أن الوقت الضائع في الجدل والنقاش بشأن الفصل 15 من المرسوم الانتخابي بين الهيئة والحكومة (الذي يمنع من تحمل مسؤولية في التجمع المنحل وفي حكومة المخلوع من الترشح للتأسيسي)، وتبادل التهم والتشكيك في المواقف والنوايا بين الطرفين ورمي الكرة بين هذا لدرء مسؤولية تأجيل الانتخابات..كانت سببا في تأخر انتخاب الهيئة المستقلة للانتخابات، على أن بعض الأحزاب والمنظمات ترمي المسؤولية إلى حكومتي محمد الغنوشي الأولى والثانية التي بتذبذها وارتباكها ساهمت في ضياع الكثير من الوقت لتنظيم الانتخابات في موعدها المقرر..
فأي موقف إذن ستتخذه اليوم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بعد توصية الحكومة الانتقالية، علما أن عدم موافقة الهيئة على تنظيم الانتخابات في جويلية ستكون له تداعيات سلبية ويزيد من تعقد المشهد السياسي الوطني.
أما إذا وافقت الهيئة على موعد جويلية فلن يكون ذلك بشكل اعتباطي فمن المرجح ان تضع شروطا او ان تأخذ ضمانات من الحكومة الانتقالية وحتى من الأحزاب السياسية حتى تكون قادرة على اتمام المهمة؟