هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
البوابةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 رأي: مفهوم العدل في الخطاب الإسلامي

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
المدير أ/ طه العبيدي
Admin
المدير أ/ طه العبيدي


عدد الرسائل : 5241
الإسم و اللقب : رجال القانون
نقاط : 5743
تاريخ التسجيل : 19/01/2008

رأي: مفهوم العدل في الخطاب الإسلامي Empty
مُساهمةموضوع: رأي: مفهوم العدل في الخطاب الإسلامي   رأي: مفهوم العدل في الخطاب الإسلامي Emptyالإثنين يوليو 05, 2010 4:15 pm


مفهوم العدل في الخطاب الإسلامي
من كتاب موسوعة جدل الأفكار الثالث ومؤلف الكتاب أمين نايف ذياب





مفهوم العدل في الخطاب الإسلامي
نصوص عدلية

1 ـ من خطبة إدريس الأول هو إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ( ت 175 هـ ) وهي حطبته في البربر .

" أما بعد فإني أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وإلى العدل في الرعية والقسم بالسوية ودفع المظالم والأخذ بيد المظلوم وإحياء السُّنة وإماتة البدعة وإنفاذ حكم الله في القريب والبعيد " .

2 ـ من أقوال القاسم بن إبراهيم بن اسماعيل بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب المشهور بالقاسم الرَّسي .

" لا يقضي جلَّ ثناؤه جورا ولا باطلا تعالى أن يكون له قاضياً أو مقدرا ، بين لعبادة ما يأتون وما يذرون فأن صاروا إلى الضلالة أضلهم بأعمالهم الخبيثة ، أي سماهم بالضالين وشهد عليهم بالضلالة ، ووصفهم به من غير أن يدخلهم بالضلالة ، أو يقسرهم عليها ،لم يبتدئ ربنا ـ جل ثناؤه ـ أحد بالضلالة ولا وصف بها أحد قبل أن يستحقها وكيف يبتدئ بها أحد هو القائل( يبين الله لكم أن تضلوا ) .

3 ـ من خطبة يزيد بن الوليد بن عبد الملك بن مروان بعد مقتل الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان .

" أيها الناس أن لكم على أن لا أضع حجراً على حجر ، ولا لبنة على لبنة ، ولا أكري نهراً ، ولا أكنز مالا ، ولا أعطيه زوجاً ولا ولدا ، ولا أنقله من بلد إلى بلد حتى أسد فقر ذلك البلد ، وخصاصة أهله ، فإن فضل فضل نقلته إلى البلد الذي يليه ، ولا أجمركم في بعوثكم فأفتنكم وأفتن أهليكم ، ولا أغلق بأبي دونكم ؛ فيأكل قويُّهم ضعيفكم ؛ ولا أحمل على أهل جزيتكم ؛ ما أجلِّيهم به عن بلادهم ؛ وأقطع به نسلهم ولكم على إدرار العطاء في كل سنة ، والرزق في كل شهر ، حتى يستوي بكم الحال فيكون أفضلكم كأدناكم ، فإن أنا وفيت لكم ، فعليكم السمع والطاعة ، وحسن المؤازرة والمكاتفة ، وأن لم أف لكم فعليكم أن تخلعوني ، إلا أن تستتيبوني ، فإن أنا تبت قبلتم مني ، وأن عرفتم أحداً يقوم مقامي ممن يعرف بالصلاح يعطيكم من نفسه مثل الذي أعطيتكم ، فأردتم أن تبايعوه فأنا أول من بايعه ، ودخل في طاعته " .

4 ـ يكتب صاحب طبقات المعتزلة عن غيلان الدمشقي أن عمر بن عبد العزيز دعا غيلان وقال : اعنِّي على ما أنا فيه فقال غيلان : ولني بيعَ الخزائن ورد المظالم ! فولاه فكان يبيعها وينادي عليها تعالوا إلى متاع الخونة تعالوا إلى متاع من خلف الرسول في أمته بغير سنته وسيرته وكان مما نادى عليه جوارب خز بلغ ثمنها ثلاثين آلف درهم وقد ائتكل بعضها فقال غيلان من يعذرني ممن يزعم أن هؤلاء كانوا أئمة هدى وهذا يتآكل والناس يموتون من الجوع !

من أخبار بشير الرحال الزاهد ( ت 145 هـ ) خرج مع إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن أبي طالب قال محمد العبسي عن أبيه قال لما عسكر إبراهيم خرجت لأنظر إلى عسكره ؟ فقال بشير ويتقنعون وينظرون من بعيد ! أفلا يتقنعون لله عز وجل في الحديد ! قال : فخفته فجلست بين الناس .

وأول خروجه مع إبراهيم أن السعر غلا في البصرة ، فخرج الناس معه على الصعبة والذلول إلى الجبَّانة ، يدعون فكان القُصّاص يقومون يتكلمون ، ثم يدعون ، فوثب بشير فقال :

شاهدت الوجوه (ثلاثا ) عُصِي اللهُ في كل شيء ، وانتُهِكَت الحُرَمُ ، وسُفِكَتْ الدماء ، واستُؤثر بالفيء فلم يجتمع منكم اثنان فيقولان : هل نُغير هذا ! وهلم بنا ندعو الله أن يكشف هذا ! حتى إذا غلت أسعاركم في الدينار بكيلجة ، جئتم على الصعب والذلول من كل فجٍ عميق ، تصيحون إلى الله أن يُرخص أسعاركم لا أرخص الله أسعاركم ! وفعل بكم وفعل !

وقال محمد بن موسى ألأسواري :

صليت يوماً إلى جانب بشير الرحال ، وكان شيخاً عظيم الرأس واللحية ، ملقياً رأسه بين كتفيه ، فمكث طويلاً ساكتاً ثم رفع رأسه فقال :

عليك أيها المنبر لعنة الله وعلى من حولَك ، فو الله لولاهم لما نفذت لله معصية ! وأقسم بالله لو يطيعني هؤلاء الأبناء حولي لأقمت كل امريء منهم على حقه وصدقِه ، قائلا للحق أو تاركا له ، واقسم بالله لأن بقيتُ لأجهدن في ذلك جهدي ، أو يريحني الله من هذه الوجوه المستنكرة في الإسلام ، قال ألأسواري : فو الله لخفنا أن لا نفترق ، حتى تُضعَ الحبالُ في أعناقنا !

وقال ألأسواري أيضاً :

وكان السائل يقف على بشير يسأله فيقول له : يا هذا أن لك حقاً عند رجل هاهنا ، وأن أعانني عليه هؤلاء ، أخذت لك حقك ، فأغناك ، فيقول السائل : فأنا أكلمهم فيأتي الخلق في المسجد الجامع فيقول يا هؤلاء : أن هذا الشيخ زعم أن لي حقا عند رجل وأنكم أنتم أعنتموه ، أخذ لي حقي ، فأنشدكم الله إلا أعنتموه فيقولون : ذلك شيخ يعبث !

قال وكان بشير يعرض بأبي جعفر :

أيها القائل بالأمس إنْ وُلِّينا عدلنا ، وفعلنا ، وصنعنا ، فقد وُلِّيت فأي عدل أظهرت وأي جوز أزلت وأي مظلوم نصرت ! آه ما أشبه الليلة بالبارحة أن في صدري حرارة لا يطفئها إلا برد عدل أو حر سنان .

مفهوم العدل في الخطاب الإسلامي :

كلمة العدل في لغة العرب هي كلمة ساكنة ، فهل هي ساكنة على الحقيقة أو هي كلمة ديناميكية تتجاوز دلالتها اللغوية المفردة وتتجاوز ما استقر في ذهن الناس عنها ؟ ذلك هو المحور الذي يسعى هذا التلاقي للكشف عنه .

جاء في لسان العرب لابن منظور ، العدل : ما قام في النفوس أنه مستقيم وهو ضد الجور عدل الحاكم في الحكم عدلا ، وهو عادل من قوم عُدُول وعدل ، وعدل عليه في القضية فهو عادل ، وبسط القاضي عدله ومعدلته ، ورجل عدل ، هو الذي لا يميل به الهوى فيجوز في الحكم ، ولذلك قيل العدل اسم من أسماء الله تعالى ، والظاهران أن هذا الاسم هو اشتقاق من الآيات التالية (يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ % الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ) (الانفطار:6- 7) وقوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل:90) وقوله تعالى (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (الأنعام:115) .
وتتكرر كلمة العدل واشتقاقها في القرآن الكريم ثلاثين مرة ، إلا أنها كلها متعلقة بالعدل الإنساني أو عدول الإنسان عن الحق باستثناء هذه الآيات الثلاث .
المعتزلة والزبدية والإمامية يستعملون كلمة العدل ضد الجبر ، والعدل هو الأصل الثاني عند المعتزلة والزبدية والأمامية والذي يعني عندهم أن الله جل جلاله لا يفعل القبيح ولا يختار إلا الحكمة والصواب ، لكن رغم دعوى الإمامية القول بالعدل ، ويضعونه الأصل الثاني ، إلا أن واقعهم يتردى في حمئة الجبر شديدا ، بقولهم كما يزعمون قولا ـ يسندونه لجعفر الصادق ـ لا جبر ولا تفويض ولكنه أمر بين الأمرين ، ونقضوا قولهم بالعدل مرة ثانية في الخصائص التي يجعلونها لأئمتهم ، بحيث تقشعر منها الجلود ، فضلا عن روايات كلها تؤكد جبريتهم ، وللقول بالعدل مقومات لا بد أن تعرف وهي :

1 ـ أن الأفعال معقولة في الشاهد .
2 ـ تمييز فعلنا عن فعله تعالى .
3 ـ تمييز الحسن من القبيح وضروبه .
4 ـ أن القبيح لا يجوز أن يقع من دون فاعل .

وللقول بالعدل فروع لا بد أن تتصل به :

1 ـ أن أفعال العباد حادثة من قبلهم وليس من خلقه تعالى .
2 ـ وأنه لا يكلفهم مالا يطيقون .
3 ـ وأن قدرتهم متقدمة عن أفعالهم .
4 ـ وأنه تعالى لا يعاقب من لا ذنب له ، ولا بذنب غيره ، وأن الطفل لا يعذب وأن كان أبواه من أكثر الناس شرورا وكفرا وعنادا .
5 ـ وأن الله تعالى أزال العلل في التكليف .

هذا هو الوجه الكلامي في العدل كأصل ثان من أصول المعتزلة ، وليس من مهمة هذا البحث التوقف عند الوجه الكلامي ، وإنما للكلام في العدل منحي آخر هو الفعل الإنساني في صورته المعرفية والعملية فلا بد من الإشارة إلى صورتيه هي الأفكار السائد لإجراء المقارنة .

أولاً : صورته الماركسية ( صورة الفعل الإنساني )

طمح ماركس إلى تغيير العالم وليس إلى تفسيره فقط ، مؤكدا على أهمية الممارسة ، وأن الفكر لا يتخذ شكل التحقق إلا من خلال الممارسة .
يفهم من هذا أنّ النظرية السياسية ذات شقين ، الأول تفسير الوجود والثاني تغييره ، والمقصود بكلمة تغيير اكتشاف قوانين حركة التاريخ ، ومن هنا نتج الفكر الماركسي في شقية المادية الجدلية ( نظرية تفسير ) والمادية التاريخية ( نظرية تغيير ) من الأدنى إلى الأعلى .

ثانياً : صورته الليبرالية

أما العالم الليبرالي الديمقراطي الغربي ، فقد أقام نظريته على فكرتين ، الأولى فصل الدين عن الحياة ، ومهما قيل فهي نظرية تفسير للوجود ، والثانية الحريات ، وهي نظرية التغيير للعالم .

ثالثاً : صورته للإسلامية

أن الإسلام جاء بالتوحيد كنظرية تفسير للوجود ، والعدل كنظرية لتغيير العالم ، المقصود هنا أن السير بالإنسانية صعدا في مدارج الرقي من خلال مفاهيم الاستخلاف ، واكتشاف كيفية التسخير فالعلم التجريبي الساعي لاكتشاف خصائص الوجود ، لا بد أن يُسَيَّر بمفهومي التوحيد والعدل ، والأ حل الشقاء محل الطمأنينة عند الإنسان .

إذن ما ستحاول هذه القراءة أن تتناوله من مفهوم العدل ، هو القراءة السياسية للعدل بدلا من التفسير المادي للوجود ، والتفسير المادي لحركة التاريخ ، والديمقراطية الشعبية ، وبديلا عن الليبرالية الغربية في تفسيرها الذي يفك الارتباط بين تفسير الوجود وحركة الحياة ، إذ جعل تفسير الوجود أمراً فردياً يتم من خلال دوغما أو فلسفات مختلفة متناقضة ، أو أيمان سكوني فردي ، أو أيمان حركي جزئي ( أفعال الخير ) وجعل الحياة هي إطلاق طاقات الفرد الإبداعية ، معتمدا الفرد لإنتاج نظام الحياة ، مغالطاً حين ادعى أن إنتاج الأفكار عن الحياة وأن كان منتجاً فردياً إلا أنه من خلال الديمقراطية السياسية تحول إلى أمر جماعي .

ليس من مهمة هذا البحث اكتشاف الأُسس الخاطئة في تكوين النظرية المادية لتفسير العالم وتغييره ، أو خطأ نظرية فصل الدين عن الحياة لتفسيرها كنظرية تفسير ونظرية الحريات لتغييرها ، وإنما اكتشاف مفهوم العدل في تغير العالم .
المرجو الاهتمام الشديد لهذه الآيات من سورة النحل :
(ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ % وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ % وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ % وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (النحل:75- 78)
تضمنت الآيات الأربعة مثلين يقع الحس على مدلولهما ، وتهدف الأمثال في القرآن الكريم إلى تقريب إدراك المفاهيم ، وهي هنا تهدف إلى إدراك الفاعلية الإنسانية أو عدمها ، ولأنها لا تتحرك من خلال الإحاطة ، فكان تذكيرهم بأن الغيب له تعالى ، لأن الفاعلية قد تخطأ الهدف ( الآية الثالثة ) ، وأثبتت الآية الرابعة أن الفاعلية لا تبني على الجهالة وإنما على المعرفة الحسية ـ العلم بالمحسوسات ـ وعلى المعرفة العقلية ـ العلم بالمدركات ـ وأن هذه المعرفة مكتسبة وليست مخلوقة في الإنسان .

إذن العدل كأصل ، أن الله لا يفعل القبيح ولا يفعل إلا الحكمة والصواب (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (الأنعام:115) .
والعدل في الفرد هو فعله التكليف (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل:90) .
والعدل في الحاكم عدم الجور لأي سبب (وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (الأنعام:152) .
والعدل في القاضي عدم الظلم (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً) (النساء:58) .
والعدل في الإنسانية طلب الحق وفعله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً) (النساء:135) .
والعدل في العلاقات بين الدول والجماعات والأفراد هو في توحيد المكيال وعدم ازدواجية المعايير (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (المائدة:Cool .
والعدل في البينات ، الشهادة الصادقة (فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) (الطلاق:2) .
والعدل لا بد من توفره في أصحاب الخبرة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ) (المائدة:95) .
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ) (المائدة:106) .
والعدل في العقوبة أن تكون في محل المساواة للجرم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (البقرة:178) .
(وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:179)
والإصلاح بين الناس يكون بالعدل والقسط (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ % إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الحجرات:9- 10) . ولا يجوز أن يقال أن هذه الآيات متعلقة باقتتال المسلمين بالسلاح والمثقل إنها بالنزاع والشجار الذي لا يستعمل به السلاح والمثقل وإنما يستعمل به اليد والعمامة والنعل والنطاق
والعدل في الآخرة استحقاق الوعد والوعيد بالأعمال قال تعالى (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى % وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى % ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى) (النجم:39-41) .
هكذا يفهم أن العدل مفهوم شمولي ، ابتداء من التكليف إلى الفعل إلى العلاقات في الدنيا بين الحاكم والمحكوم ، وبين الأمم والشعوب ، وبين القاضي والمتهم وبين الشهود والجريمة ….. الخ .
كل العلاقات الفردية والجماعية والدولية والإنسانية إلى ما بعد البعث ليكون الجزاء عدلا .
يشكل العدل بمفاهيمه وديناميكية الحركة الإنسانية سواء في مستوى المفاهيم أو الفعل أو الغاية ، فالعدل مفهوم معرفي والعدل ممارسة فعلية والعدل مقياس للإقبال والأدبار في الإنسان من حيث هو إنسان .
إن الظلم والجور والقسط ( بمعنى شدة الظلم ) والضير بمعنى العدول عن الحق الظاهر ( ازدواجية المعايير ) ظواهر ابتليت بها الإنسانية في قرنها العشرين ، فما التجزئة وفرض التبعية والتخلف المادي والتأخر الحضاري إلا مظهر من مفاهيم عدم إدراك مفهوم العدل وجعله أساس الممارسة في الحياة الإنسانية ، وما وقوعنا تحت سيطرة عدونا ألا بسبب تنحية العدل وعدم جعله أساس الممارسة في الحياة الإنسانية ، وما وقوعنا تحت سيطرة عدونا إلا بسبب تنحية العدل كمفهوم لصنع الحياة ، وفي سبيل إعادة صنعها من جديد وتستمدنا المركز اللائق بأمتنا تحت الشمس ، لن يكون بالتغني بالديمقراطية ، أو التمجيد للماركسية ، لأنهما ليستا من نتاجنا ، ومن خلال شهادة أصحابهما فإن لهما إشكالية في محل المصاحبة لهما ، بخلاف مفهوم العدل فلا إشكالية في داخله ، وإن كانت هناك مشاكل في ذات الإنسان من كونه هو المنظر والممارس لمفهوم العدل ( لقد خلقنا الإنسان في كبد ) العدل مفهوم عقلي ومعناه أن العقل قادر على تمييز الحسن من القبيح ، أي تمييز الفعل الذي يوصف بأنه فعل حسن من الفعل الذي بأنه فعل سوء ، وتمييز الفكرة التي توصف بأنها حسنة من تلك التي توصف بأنها سيئة .
فالعدل مقياس لمعرفة الحق من الباطل في الأفكار .
ومعرفة الصواب من الخطأ في الاجتهاد .
ومعرفة الحسن من السوء في الأفعال .
ومعرفة الخير من الشر في النتائج .
ومعرفة الجمال والقبح في الأشياء .
ومعرفة النافع من الضار في الأشياء والوقائع .
والعدل والتوحيد أو التوحيد والعدل أمران متلازمان لا يمكن الفصل بينهما فالبحث في التوحيد يؤدي إلى العدل والبحث في العدل يؤدي إلى التوحيد وهما دلا دلالة مؤكدة على التكليف ( نبوة وشريعة ) وعلى الجزاء وعلى ضرورة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وبصورة أخرى دل العقل على التوحيد والعدل ، ودل التوحيد والعدل على الكتاب وعلى بيان الرسول للكتاب ، فالعقل والكتاب والسنة أدلة لا تتعارض ولا تتناقض بل تتكامل وتتناسق وبها معاً تسير الحياة على بصيرة واستقامة .

والعدل هو المفهوم الذي على أساسه يفهم القرآن ، وعلى أساسه تقبل نصوص السنة والعدل هو الأساس لاستعمال المكتشفات والصناعات البشرية ، وهو المفهوم الذي يحقق توزيع الثروة على الناس بصورة صحيحة لكل حسب اجتهاده ، ومن قصرت به الوسائل عن حصوله على حاجياته الضرورية بسبب عجز أو بطالة أو مرض أو كوارث أمَّن الآخرون له عيشة الضروري .

والعدل هو الذي يحد من هذه القيم الاستهلاكية ، وهي قيم عادِيَةٌ ومعتديةٌ على كل شيء على الإنسان والبيئة والأجيال التي ستعقب هذا الجيل البشري في إعمار الأرض ، وما هذه الدعاية الإعلانية في التلفاز والإذاعة والصحافة والقمصان والحافلات إلى غير ذلك ، دعاية تصاحبها المرأة والأطفال وأهل الفن ، إنما هي تشويه للمرأة والأطفال وأهل الفن مع أنهم يزعمون دائماً أن المرأة والطفل وأهل الفن إنما دائماً أنها همٌّ من هُموم الليبرالية الديمقراطية الغربية وَهُم محل المصاحبة للحزن على المرأة والطفل والفن في العالم الإسلامي دون غيره ، ويركزون على الخصوص على العالم العربي ويسقطون دائماً مساوئهم ومخازيهم التاريخية على تاريخ أمتنا ، وهذا الإسقاط تقبَّلهُ المفكرون وقادة الأحزاب القومية واليسارية والوطنية والأكاديميون في العلوم الإنسانية بل وكوادر الأحزاب والهيئات والاتحادات المتأثرة بمقالات الأكاديميين والأحزاب القومية التقدمية … الخ ، هذا الاختلاط والاخاليط السائدة في حياتنا الفكرية وحواراتنا السجالية وكتاباتنا النهضوية هو السائد .

من العدل القول بأن سبب هذا الحال لا يرجع فقط إلى دعاة الإسلام الذين مارسوا التعبير عن الإسلام بصورة تعميمات وأماني وليس أفكارا يوضع الإصبع على مدلولها ، ولكن لا أحد يعفي المفكرين والأكاديميين من مسؤوليتهم إذ لا يجوز أن يكون دورهم إعادة إنشاء أفكار الغرب باللغة العربية أي أخذ دور المترجم والمتلقى لكتابات الغرب وممارسة تشويه الذات الحضارية لأمتنا فالمطلوب هو قراءة نقدية وبالتالي قراءة الآخر قراءة نقدية وغير ذلك هو التحول إلى مسخ حضاري .

دعاة التبعية للحضارة الغربية هم النشطون الآن ، يُسوِّقُونَها محاضراتٍ ومقالات وكتبٍ وندواتٍ وحوارات ، يدعون أنهم حريصون على عدم كتب الرأي الآخر وهم أكثر الناس منعا للرأي الآخر ، ودعاة الماركسية الغربية في محل الاستحياء عن تقديمها بصفتها مشروع يقف في وجه الإمبريالية وجهها الديمقراطي والليبرالي والشرعية الدولية واقتصاد السوق ، والإسلاميون أصحاب النموذج التاريخي سواء أكان معتدلاً أم متطرفاً أو عقائدياً كفاحياً أو متالياً متعبداً ليسوا في محل التأثير على الجماهير أو المثقفين من ناحية سياسية وبقي في الميدان القلة العدليون يقفون وِقفَةَ الرجال الرساليين ضد تيار يدعو للهزيمة الأخيرة .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.tahalabidi-avocat.fr.gd
فلاح المحامي




عدد الرسائل : 4
العمر : 44
الإسم و اللقب : الهاملي
نقاط : 4
تاريخ التسجيل : 01/04/2012

رأي: مفهوم العدل في الخطاب الإسلامي Empty
مُساهمةموضوع: رد: رأي: مفهوم العدل في الخطاب الإسلامي   رأي: مفهوم العدل في الخطاب الإسلامي Emptyالأحد أبريل 01, 2012 12:44 am

تسلم أستاذ طه على مجهودك الرائع.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
المدير أ/ طه العبيدي
Admin
المدير أ/ طه العبيدي


عدد الرسائل : 5241
الإسم و اللقب : رجال القانون
نقاط : 5743
تاريخ التسجيل : 19/01/2008

رأي: مفهوم العدل في الخطاب الإسلامي Empty
مُساهمةموضوع: رد: رأي: مفهوم العدل في الخطاب الإسلامي   رأي: مفهوم العدل في الخطاب الإسلامي Emptyالأحد أبريل 01, 2012 9:02 pm

مرحبا بك صديقي و سعيد بمرورك الكريم بالمنتدى و أتمنى أن يكون قد أعجبك و أنشاء لله نقرأ مساهاماتك به و تفتح لنا نافذة و لو صغيرة على القانون الكويتي.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.tahalabidi-avocat.fr.gd
 
رأي: مفهوم العدل في الخطاب الإسلامي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» رسالة عمر بن الخطاب في القضاء
» العربية السعودية:بموافقة مجلس الوزراء وإيعاز من وزير العدل (إقرار نظام الهيئة العامة للولاية على أموال القاصرين)... وزارة العدل تنظم أعمال دوائر بيوت المال في المحاكم السعودية
» كتب في التشريع الإسلامي
» البيوعات في الفقه الإسلامي
» 2. مفهوم حسن النية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: 8- خدمات لرجال القانون :: أخلاقيات Déontologies-
انتقل الى: