إحالة محامي الإعلام على مجلس التأديب زوبعة في فنجان؟
بدأت بوادر الأزمة منذ إنطلاق بث برنامج " حسن نية" بقناة حنبعل" حيث يقبع ثلاثة محامون حذو المنشطة ليفكوا عقدة قضية يتناصرون لبعضهم البعض فيمتدحون فصاحة بعضهم و يقتصون من كان في غير سربهم برفع الصوت و العصا بل بلغ ببعضهم إلى حد التهجم و إستعمال ألفاظ متحاملة تفقد في طياتها كل معنى الحياد الإعلامي بل هناك من بين المحامين المشاركين من تعمد إدماج قضية كان نائبا فيها صدر في شأنها حكم بات ضد حريفه و عرضها من جديد على التلفزيون مشككا في تلك الأحكام الصادرة و مستغلا تواجده بالبرنامج ليكيد العداء لخصم حريفه.
لا جدال من أن هؤلاء المحامون قد إنتهزوا تواجدهم في هذا البرنامج لتمييع دور المحامي و تصويره في صورة المهرول لجلب الأضواء لشخصه فكان هذا البرنامج منصة للإشهار المبتذل.
هذا الإبتذال لم يمس قطاع المحاماة بل شمل كذلك قطاع القضاء الذي له واجب الإحترام و أصبح البرنامج محكم للأحكام و محك لها.
ربما من خلال ما شاهدناه في هذا البرنامج بالذات ما يجعلنا نبرر موقف عميد الهيئة الوطنية للمحامين بتونس و لربما نثمنه لكن أن تشمل هذه الحملة كل المشاركين في كل البرامج التلفزية و الإذاعية فأعتقد أن الأمر لا يستحق ذلك الموقف الصارم لاسيما و أن بعض الأساتذة لا يحتاجون للإشهار لأنهم فعلا معروفون فبرنامج لتقديم الإستشارات القانونية خاصة بالإذاعة الوطنية لن يزيد في عدد حرفائهم بقدر ما يمكن أن يفيدوا به المستمعين و يساهمون في نشر الثقافة القانونية.
و كما أن برنامج "الحق معاك" الذي يبث بقناة تونس 7 تميز بحرفية و بسلاسة في طرح المشكل القانوني و الرغبة الحقيقية في بلوغ إلى تسوية صلحية بعيدا عن المبالغة و التهريج و التهويل إلا أن الهنة الوحيدة التي وقع فيها لما تطرقوا إلى مشكل المحامي الذي لم يتول تسليم مستحقات متضررين من وفاة مورثهم في حادث مرور و المبلغ كان هائلا إذ أن صورة المحامي كمستأمن على أسرار الناس و حقوقهم و متاعهم و لربما حتى حقوقهم المدنية و الإنسانية قد تم النيل منها من خلال بث نموذج و لئن لا يعكس حقيقة هذا القطاع و ما جبل عليه من تضحيات و تحمل المصاعب من أجل تحقيق غايتها إلا أنه وضع مهنة محاماة مرة أخرى موضع إتهام وهي صورة تكاد تكون في إعلامنا المرئي متكررة.
لكن هل كان البرنامج سيعرض حقيقة ما يتعرض له المحامي من مماطلة الحريف في الوفاء بأتعابه و التنصل من إلتزاماته المالية؟.
أعتقد أن التعامل مع قطاع حساس كالمحاماة يتطلب أكثر حرفية من التعامل مع مشكل شركة النقل أو غيرها.
فقط و في الأخيرأشير أن أحد البرنامج بقناة 7 بث إعترافا بجميل لشخص قضي بشأنه بعدم سماع الدعوى إستئنافيا بعدما حكم ضده إبتدائيا بالإعدام إعتراف زفه لمحام وقف إلى جابنه و سانده حتى إنبلجت براءته على يديه كان إعتراف بحقيقة دور المحامي و نبل مراميه و لئن وضع القضاء الجزائي التونسي في محك آخر "من إعدام إلى عدم سماع الدعوى " أين الخلل؟ و هذا موضوع سنعود إليه بإطناب.