خبر تم نقله من جريدة الصباح 08/01/27
مراجعة القانون المنظم للمهنة
صفاقس - الصباح: يوجد بالولاية 99 عدل إشهاد مباشر للعمل من بينهم 56تخرجوا من المعهد الاعلى للقضاء منهم ست عشرة امرأة، وتوجد عشرغرف عدول إشهاد بكامل الجمهورية بحيث توجد غرفة بمركز كل محكمة استئناف تضم وجوبا جميع عدول الاشهاد الذين يعودون إليها بالنظر ...
حاليا أصبح معظم أصحاب المهنة من الشباب ذكورا وإناثا، هؤلاء ما فتئوا يدافعون عن مهنتهم ويسعون إلى تحديثها وتطويرها وتحسينها على جميع المستويات، إن على مستوى القانون أو على مستوى الخدمات وذلك بما يتقدمون به من مقترحات عملية على الجهات المتخصصة وما يقومون به من جليل الاعمال وما يطرحونه من رؤى وأفكار، لعل أبرزها: بعث جمعية وطنية لعدول الاشهاد وهو مطلب أساسي مازالوا يناضلون من أجل تحقيقه وتجسيمه على أرض الواقع، وكذلك توسيع مجال تدخل عدل الاشهاد وتدعيمه وحمايته من المنافسة الشديدة التي يتعرض لها من بعض القطاعات الاخرى وضرورة توضيح اختصاصاته وإبرازها وحمايتها، فالعديد من المتخرجين حديثا من المعهد الاعلى للقضاء يلاقون الكثير من الصعوبات، لذلك من الضروري أن تكون التعيينات مدروسة بصفة متوازنة بين مختلف الولايات والجهات ومبنية على أسس علمية، فضلا عن ضرورة متابعة المتخرجين الجدد على الصعيد العملي وتوفير أحسن الظروف لهم أي بعدم الاكتفاء بتعيينهم وتكوينهم، ومن مطالبهم تدعيم الحجة العادلة وتكريس علويتها على الكتب الخطي وذلك من خلال إكسائها بالقوة التنفيذية إلى جانب قوتها الثبوتية حتى تكون أكثر نجاعة وبالتالي توفير ضمانات أكبر للمتعاملين بالحجة العادلة وتطويرها وجعلها مواكبة لمثيلاتها في العديد من الدول الاخرى، ومن بين المسائل التي تشغل بال العاملين بهذا القطاع مراجعة القانون المنظم لمهنة عدول الاشهاد (القانون عدد 60 لسنة 1994المؤرخ في 23 ماي 1994) وذلك بالاستعانة بالهياكل المهنية على غرار الغرف وبالتنسيق معها حتى تكون عملية المراجعة ناجعة وبناءة وأكثر فاعلية، ومن مشاغلهم المطالبة بالاهتمام بهم والاستماع إليهم، وبالرغم من المراسلات المتكررة التي تم توجيهها إلى سلطة الاشراف فإنها بقيت دون رد ولم تلق أي تجاوب فآخر اجتماع لوزير العدل وحقوق الانسان برؤساء غرف عدول الاشهاد يعود إلى ثماني سنوات خلت، لذلك فإنهم يرون أن القطاع مهدد في وجوده ومهدد بالاندثار وفي طريقه إلى الزوال... ونظرا لكثرة هذه المشاغل والقضايا والصعوبات سعينا إلى الاتصال بأهل المهنة للحديث معهم في مختلف هذه النقاط وفي جوانب أخرى عديدة.
الصعوبات التي تعترض المرأة في القطاع
في البداية تطرقت الاستاذة استبرق بنصالح (عدل إشهاد) إلى مسألة التعيينات المتعلقة بالمرأة في مختلف الولايات بصفة عامة في هذا القطاع، فهي تتعرض إلى عديد الصعوبات عندما يتم تعيينها في غير ولايتها، فإذا كانت عزباء تكون أقل ضررا من المتزوجة إذ بإمكانها تدبير شؤونها أما إذا كانت متزوجة فالامر يختلف خاصة إذا كان لها أبناء فأمورها لا تستقيم، عندئذ كيف يمكن أن تتصرف؟
وللتذكير فإنه ليس بوسعها طلب النقلة إلا بعد سنتين؟ وأشارت إلى أنه بعد النقلة يفقد عدل الاشهاد كل ما بناه وكونه من حرفاء خلال السنتين، لذا وجبت مراعاة المرأة المتزوجة بالخصوص عند التعيين، وتعرضت الاستاذة فاطمة شطورو عدل إشهاد إلى الصعوبات التي تعترض المرأة، فترى وجود إشكالية عند تحرير عقد الزواج، وتتمثل في عدم تقبل المواطن في صفاقس أن يكون عدل الاشهاد امرأة، ففي الريف يتم قبولها أكثر، وذكرت بأنه يوجد في هذه الربوع عدول إشهاد زيتونيين يقومون بعملية الاشهار الخاصة بالزواج وهذا لا يمكن أن يحصل باعتبارأن الاشهار يتم في المساجد، ولكن الحل يكمن في أن تختار المرأة التي تقوم بوظيفة عدل الاشهاد زميلا ذكرا للعمل معها في مثل هذه الحالات، وذكرت لنا أنه لم يسبق للمواطن أن طالب عند إبرام عقد الزواج بعدل إشهاد ذكر وعدلين إناث أو أربعة عدول من جنس الاناث ولم تعترض المرأة هذه الاشكالية باعتبار أن العدل في هذه الحالة عند تحرير العقود هو موثق، وفيما عدا ذلك لا تعترضها صعوبات عند تحرير العقود .
الحجة العادلة
وطرح الاستاذ وديع مقني عدل إشهاد أيضا بعض التساؤلات المتعلقة بالتعيينات منها ما هي المقاييس والمعايير التي يتم بمقتضاها التعيين؟ وعلق قائلا على ذلك "أعتقد أنه لا وجود لاي مقياس."، " لماذا لا تستشير وزارة الاشراف الجهات المعنية ؟، كـأن تستشير الغرف مثلا وأصحاب المهنة، هي تقوم بهذا العمل دون الاستعانة بالاحصائيات المحينة،فلا وجود لاية جهة تنسق معها عند التعيينات وتحدث الاستاذ محمد الطرابلسي عدل إشهاد، عضو مكلف بالعلاقات بغرفة عدول الاشهاد بصفاقس عن علوية الحجة العادلة على الكتب الخطي بصفة عامة فقال: " الحجة العادلة يتلقاها مأمور عمومي أي عدل إشهاد، لذلك فهي تتميز بعلويتها فلا يمكن الطعن فيها إلا بدعوى الزور، على عكس الكتب الخطي الذي يحرره الاطراف أو كاتب عمومي ويتم إمضاؤه في البلدية، هذا على المستوى القانوني، لكن على المستوى العملي والمستوى الواقعي لا نجد هذه العلوية ولا نراها تعترضنا، باعتبار أنه مثلما تكون حجة عدل الاشهاد نافذة مثلما هي حجة الكاتب العمومي نافذة، تكون حجة الاطراف نافذة، فالعلوية غير موجودة إلا على مستوى النصوص، أما بالنسبة إلى إكساء محررات عدل الاشهاد بالقوة التنفيذية فإنه مطلب نرجو أن يتحقق بالرغم من أننا سنواجه اعتراضات من عديد القطاعات لاسيما قطاع المحامين، لان هؤلاء ليس من مصلحتهم أن هذه الحجج لا تثير نزاعا باعتبار أن كتب الاشهاد ينفذ مباشرة إذا تم إكساؤه بصبغة تنفيذية في حالة وقوع نزاع دون أن تمر بمرحلة تقادم، وهذا بطبيعة الحال لا يخدم مصلحة المحامين، إلا أنه من الناحية العملية سيطور المسألة وسيكرس علوية كتب عدول الاشهاد، على غرار ما هو معمول به في بلدان مجاورة مثلا موريتانيا والجزائر وغيرهما فهو سند تنفيذي لتحقيق أكثر جدوى وأكثر ضمانات بالنسبة إلى المتعاملين وكذلك تخفيف العبء على المحاكم ويتمثل دور المحكمة في الرقابة في هذا المستوى.
أهمية القطاع
و تدخل الاستاذ هشام الفراتي عدل إشهاد أيضا وعضو بالغرفة مكلف بالاعلام، فبين أهمية القطاع بالنسبة إلى الدولة فأشار إلى الاهمية المباشرة ومكانة عدالة الاشهاد في منظومة التسجيل والجباية،والجباية المحلية بصفة خاصة، فأكد على أن عدل الاشهاد له أهمية بارزة ومساهمة فعالة باعتباره جامعا للضرائب بمقتضى القانون، فلا يخفى على أحد أهمية المداخيل والموارد المالية المتأتية إلى خزينة الدولة من معاليم العقود المحررة من قبل عدول الاشهاد وما يلاقيه هؤلاء من عناء أحيانا عند المساهمة في إبرام تلك العقود لان هذه الاخيرة لا تأتي من فراغ فهي تقوم على الاعتبار الشخصي والذاتي لعدل الاشهاد،فهو الذي ييسر التعاقد، وهنا يتبين للجميع أن المداخيل التي تحققها الدولة فيها مجهود لعدل الاشهاد، وباعتباره مساعدا رئيسيا لمصالح المالية فهو عنصر فعال لجلب مداخيل هامة لخزينة الدولة، فهو يساهم في اقتطاع التسجيل على غرار " التواكيل " والاستجوابات والكفالات ولاسيما العقود الناقلة للملكية التي تحقق مداخيل جبائية هامة للدولة، وهو كذلك مطالب بالحصول على وصل خلاص الاداء البلدي عند تحرير عقد البيع، حينئذ هو مراقب لهذه العملية قبل البلدية، والسؤال المطروح في هذا الباب هو:
"ألا يعد تدعيم الاختصاصات الاحتكارية وتدعيم خطة عدل الاشهاد تدعيما للموارد المالية للدولة؟"
توسيع مجالات تدخل عدول الاشهاد
و طالب الاستاذ معز كريشان عدل إشهاد عضو بلجنة التأديب بالغرفة بمراجعة القانون المؤرخ في 23 ماي 1994، وذلك بطرح استشارة بمبادرة من وزارة العدل في هذا الخصوص وتشريك الهياكل المنظمة والغرف ومساعدي القضاء وخبراء من وزارة العدل لتطوير القانون وتحيينه خاصة أن القانون قد صدر منذ أكثر من عشر سنوات حصلت خلالها تغييرات عديدة في العالم حتى يواكب عدل الاشهاد مختلف التطورات في المحيط المتوسطي نظرا للتعاون مع الاتحاد الاوروبي، لذلك فإن الضرورة تكون ملحة للقيام بهذا التحيين، خاصة أن هناك تعاونا دوليا مع الاتحاد الدولي لعدول الاشهاد، وأشار إلى أنه من خلال تجربة العديد من الزملاء أن هناك فجوة كبيرة تحول دون هذا القطاع والقيام بدوره على أحسن وجه ضمن المنظومة القضائية وفي كل الحالات هناك سعي إلى تحقيق مصلحة المواطن والحفاظ على المهنة. وتدخل الاستاذ محمد الفخفاخ عدل إشهاد وأمين مال الغرفة للحديث في موضوع اعتبره هاما جدا وهو توسيع مجال تدخل عدل الاشهاد وتدعيمه وحمايته من المنافسة الشديدة التي يتعرض لها وضرورة توضيح اختصاصات عدل الاشهاد وإبرازها وحمايتها، وللتذكير فإن عدل الاشهاد في الدول العربية وحتى الاجنبية يدعى " الموثق" أو كاتب العدل أي يتم توثيق العقود والتصريحات وفق الفصل الثاني عشر من قانون المهنة الذي يشير إلى تلقي تصريحات الاطراف أو السلط التي ترغب في تدوين ذلك في حجة رسمية أو ما تسند له قوانين خاصة في اختصاص معين مثل عقود الزواج وتحرير صكوك الرسوم العقارية، وهذا لا يكفي لان هذا الاختصاص جاء في المطلق لكن عدل الاشهاد يكتب معه المحامي والكاتب العمومي وفي عقد الزواج يحرر معه ضابط الحالة المدنية وفي إدارة الملكية العقارية يكتب معه محررو إدارة الملكية العقارية والمحامون، وفي عقود الرهن تشتغل معه البنوك، فهل بقي قطاع آخر لم يتدخل للكتابة معه؟ حينئد، ما هي الاختصاصات الحصرية لديه؟ هي تقريبا أربعة فقط وغير متداولة بكثرة وهي: عقد الهبة في المقام الاول، والتنصيص على الرهن في النصوص غير المسجلة حسب الفصل 276 من مجلة الحقوق العينية، وتحرير الفرائض بالاعتماد على حجة الوفاة المنصوص عليها في الفصل 12 من قانون المهنة، وأشار إلى إمكانية تعيين خبراء وهو أمر غير قانوني باعتبار أن القانون نص على أن عدل الاشهاد هو الوحيد الذي يقوم بهذا العمل، هذا بالاضافة إلى التسجيلات، وحجج الوفيات بالنسبة إلى المتوفين قبل سنة1964، فماذا بقي له بعد ذلك...؟، لقد شبه محدثنا عيش عدل الاشهاد في غابة، الجميع يسعى إلى افتكاك اختصاصاته أو يتدخل معه، وهذا أمر غريب باعتبار أن الجهات المتخصصة تشترط الحصول على الاستاذية والمشاركة في مناظرة وطنية كتابية وشفوية، ثم الدخول إلى المعهد الاعلى للقضاء للخضوع إلى التكوين ثم إلى تربص في مجال المهنة، في المقابل ماذا تم منحه؟ وختم تدخله بالقول " المطلوب منحنا اختصاصات حصرية، وبالمناسبة أرجو أن يتم بعث غرفة وطنية لعدول الاشهاد."
توحيد الاجور
وطالب الاستاذ وديع مقني أن يكون عدل الاشهاد الموثق الوحيد في المنظومة القضائية،لان هناك من يقوم باختصاصات غير اختصاصاته، أما الاستاذ عبد المجيد الفقي عدل إشهاد وكاتب مساعد بالغرفة فتطرق إلى ضرورة تنقيح القانوق عدد 84 لسنة1992 والصادر بتاريخ 6 أوت 1992 والمتعلق بأجرة محرري العقود بإدارة الملكية العقارية بهدف توحيد الاجور كإجراء أولي واستعجالي بين سلك عدول الاشهاد وسلك محرري العقود بإدارة الملكية العقارية وذلك بالترفيع في تعريفة هذا السلك أي تعريفة محرري العقود وجعلها مماثلة لتعريفة عدول الاشهاد، خصوصا أن الفقرة الاخيرة من الفصل الخامس من القانون عدد 64 لسنة 1991المؤرخ في 29 جويلية1991والمتعلق بالمنافسة والاسعار والواقع تنقيحه وإتمامه بالقانون عدد60 لسنة 2005المؤرخ في 18 جويلية 2005 ينص على ما يلي: ".. يمنع عرض أو تطبيق أسعار مفرطة الانخفاض بصفة تهدد نشاطا اقتصاديا، ونزاهة المنافسة في السوق". وحاول الاستاذ أسامة الزوش عدل إشهاد وكاتب عام الغرفة في النهاية الحديث عن مطلب أساسي يتمثل في الدعوة إلى بعث جمعية وطنية لعدول الاشهاد لان السعي ما زال متواصلا إلى تحقيق ذلك على أرض الواقع وذكر محدثنا أن عدم التوصل إلى تحقيق ذلك هو مشكل يؤرق الجميع بالرغم من الجهود المبذولة والاتصالات المكثفة من قبل بعض الغرف الجهوية والحرص الواضح منها على قيام هذا الهيكل الوطني، فما هذه الاضافة التي يمكن أن تقدمها هذه الجمعية الوطنية للقطاع؟ هذه الجمعية هي هيكل وطني يضم جميع الغرف الجهوية، وبالتالي فإنه يضم كافة عدول الاشهاد بالجمهورية التونسية ويعمل على حماية مصالح القطاع والدفاع عنها وخاصة تطوير القطاع خدمة للصالح العام، وينتقل بالقطاع من حالة الركود والجمود إلى حالة تتسم بالحركية والفاعلية والديناميكية وتحويل القطاع بالتالي إلى قطاع معاصر بنسبة مائة بالمائة، زيادة عن كونه يمثل البلاد التونسية في المللتقيات والمؤتمرات الدولية والاقليمية . وأضاف قائلا:" بصفتي كاتبا عاما للغرفة أقول بأننا أرسلنا العديد من المراسلات في السابق أو حاليا إلى سلطة الاشراف وكل الجهات المعنية إلا أنها بقيت دون رد إلى يوم الناس هذا، فسلطة الاشراف يقتصر اهتمامها على المحاماة وبدرجة أقل القضاء دون غيرهما، وكأن قطاع عدول الاشهاد غير تابع لوزارة العدل وحقوق الانسان". وقال " القطاع مهدد في وجوده، فلقد أصبح في طريق الزوال".:
هذا كم هائل من المشاغل والهموم والمشاكل والمطالب، فهل ستعرف وضعية عدول الاشهاد طريق الانفراج؟