رسالة هرتزل إلى السلطان عبد الحميد الثاني
17/ 6/ 1901
اتباعًا للخط الذي رأى جلالتكم من المناسب اقتراحه عليَّ اعتقدت أن من الواجب الحصول على مليون ونصف المليون جنيه تركي حالاً لتأخذ محل مهمة تصفية الدين وهي المهمة الصعبة إن لم نقل المستحيلة والتدبير الذي عملته وأصدقائي هو حسبما يلي: يمكن جمع المليون ونصف المليون جنيه تركي بإنشاء مصدر جديد للدخل حالاً. لكنه يجب أن يكون من نوع يجعل اليهود يدركون المشاعر الكريمة جدًا التي يكنها صاحب الجلالة تجاههم في قلبه الحنون. بهذه الطريقة سوف نعد الطريق للإجراءات العتيدة.
من أجل هذه الغاية أصدقائي مستعدون لتأسيس شركة مشتركة الأسهم يبلغ رأسمالها خمسة ملايين جنيه تركي هدفها تنمية الزراعة والصناعة والتجارة وباختصار الحياة الاقتصادية في آسيا الصغرى وفلسطين وسورية. ومقابل الامتيازات الضرورية التي تمنحها جلالتكم سوف تدفع الشركة اشتراكًا سنويًا بستين ألف جنيه تركي لحكومة جلالتكم وعلى أساس هذا الاشتراك المضمون برأسمال الشركة يمكن الشروع بقرض يستهلك في واحدة وثمانين سنة لن يكلف هذا القرض شيئًا لأن الشركة ستمتص الفائدة والاستهلاك وهي التي ستأخذ السندات ثم تستبدلها. وما على الحكومة إلا أن تسحب مليونًا ونصف المليون جنيه تركي. ومفهوم بالطبع أن الشركة ستسجل في تركيا وأن المهاجرين اليهود الذين سوف تستقدمهم سيصبحون رأسًا رعايا أتراكًا خاضعين للخدمة العسكرية تحت راية جلالتكم المجيدة.
سيتاح الوقت بهذا المليون ونصف المليون جنيه لدرس الموارد الأخرى للدخل ولاستثمارها.
وقد تفضلتم جلالتكم بذكر الكبريت. إن بين أصدقائي من يقدر أن يتولى المشروع. وبينهم من يستعد لبذل كل جهد لتقديم أفضل الشروط لجلالتكم لتستعمل مداخيل الكبريت كأساس لقروض أخرى بدون إرهاق دافع الضريبة كثيرًا. الأسلوب نفسه يستعمل في استغلال مصادر النفط والمناجم والقوى الكهربائية.
سوف توضع عروض هذه المشاريع الأخرى بالتفصيل وتقدر حالما تأمرون جلالتكم أما مسألة الكبريت فيمكن الاتفاق عليها الآن بينما المسائل الأخرى تحتاج إلى مزيد من الدرس. وأسمح لنفسي أن أضيف إلى ذلك أن خدماتي الخالية من أية مصلحة في هذه المشاريع هي تحت تصرف جلالتكم حتى وإن كنتم لا تعتقدون أن من المناسب البدء الآن وهنا في مشروع الشركة العثمانية - اليهودية الكبيرة في آسيا الصغرى. وفوق كل شيء على أن أبرهن لجلالتكم أنني خادم غيور ومخلص. لا أسأل في عملي لجلالتكم إلا شرف استعادة ثقة جلالتكم فيَّ لأني مقتنع أنه في وقت غير بعيد ستدركون أنه من مصلحة الإمبراطورية العثمانية أن تجتذبوا الموارد الاقتصادية اليهودية لحماية شعبنا المسكين. ثم إنه لمن مصلحة اليهود أن يجدوا تركيا دولة قوية ومزدهرة. إنها فكرة حياتي.
سيكون لمشروع الشركة العثمانية - اليهودية ولإعطاء الإشارة للشعب اليهودي بأسره فائدة أخرى وهي أن دافعي الضرائب بشرًا وممتلكات سيزدادون في كل المناطق التي ستعمل الشركة فيها.
وستدفع الشركة المزيد من الضرائب بنمو عملها وسيتدفق رأس المال اليهودي من كل زاوية ليوطد نفسه هناك وليبقى في الإمبراطورية. وفي الوقت نفسه سيسير هذا العمل الهادئ الذي سمي " سحب شوكة الأسد " بدون معرفة أولئك الذين يريدون خراب الإمبراطورية.
تبقى كلمة واحدة. إذا شئتم جلالتكم أن يدبر المليون ونصف المليون جنيه قبل تشرين الأول فإن الوقت يمر بسرعة. ويجب ألا ننسى أن رجال المال والأعمال يطلبون اتفاقات محدودة ليدفعوا المبالغ اللازمة. يجب أن نتوقع ثلاثة أشهر قبل تسلم المبالغ كلها. فإذا ارتأت حكمة جلالتكم العظيمة الدخول في هذه المفاوضات لتسلم المليون ونصف المليون جنيه قبل شهر تشرين الأول يجب تحديد الامتيازات للشركة الكبيرة في أوائل تموز. وإني لآتي إلى القسطنطينية بدون تأخير إذا أمرتم بذلك.
لست أعلم إذا كان يحق لي أن أذكر موضوعًا أخيرًا وأنا أذكره بتردد راغبًا في عدم إزعاج جلالتكم بأي طريقة كانت. جاء أحدهم ليخبرني أنه يوجد كاتب في باريس اسمه أحمد رضا عرف بهجماته على الحكومة الإمبراطورية. وقد علمت بوجود سبيل لتوقف هذه الحملات. وقد أخذت علمًا بهذا الأمر دون أن ألزم نفسي بأي شكل لأن ليس من عملي أن أخوض أمورًا كهذه أنا الحريص على خدمة جلالتكم المعظمة في كل فرصة لن أفعل شيئًا بدون أمر. بل إني لن أرى الرجل بدون تفويض. لكن إذا ارتأت جلالتكم سأقوم بالأمر. وطبيعي أني لن أطلب مقابل إيقاف هذه الحملات تعويضًا إلا كلمة ثناء من جلالتكم وهي عندي أعظم تعويض.