حيثيات الحكم
وقالت محكمة القضاء الادارى فى حيثيات حكمها ان الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى فى غير محله بما يتعين معه الرفض، إذ انه من الثابت فى الأوراق ان المنازعة الماثلة تدور حول سلطة الادارة فى تنظيم وادارة واستغلال موارد الدولة وأحد ثرواتها الطبيعية والتصرف فيها.
وأضافت:ان المدعى اختصم وزارة البترول كسلطة ادارية تقدم هذا المرفق وينبغى عليها أن تلتزم فى ذلك فى حدود الدستور والقانون، ومن ثم لا يعد تصرفها فى هذه الحالة ولا القرار 100 لسنة 2004 الصادر بشأنه
الحكم من أعمال السيادة بالمعنى القانونى والدستورى وانما يعتبر من قبيل أعمال الادارة التى يقوم على ولاية الفصل فيها القضاء الادارى دون سواه طبقا لنص المادة (172) من الدستور.
وأشارت إلى أن الدستور فى المادة (123) منه حرص على حماية موارد الثروة الطبيعية للبلاد باعتبارها موردا مهما من موارد الدولة ليست ملكا للأجيال الحالية فحسب، بل يشترك فى ملكيتها الأجيال المستقبلية، فنص صراحة على أن يحدد القانون والقواعد والاجراءات الخاصة بمنح التزامات استغلال موارد الثروة الطبيعية المرافق العامة.
وتابعت :انه بموجب ذلك فانه يتعين على السلطة التنفيذية اللجوء إلى مجلس الشعب للحصول على موافقته على منح الالتزامات المشار اليها ويعتبر ذلك إجراء وجوبيا يحتمه الدستور وشرطا أساسيا لنفاذ العمل ونوعا من الرقابة التى تمارسها السلطة التشريعية - بنص الدستور - على بعض أعمال الادارة وتتمثل فى الفلسفة التى تبرر إعطاء هذه السلطة لمجلس الشعب فى الصفة التمثيلية للجهاز التشريعى فهو بحسب الأصل يكون منتخبا من الشعب ويعبلا عن إرادة أغلبيته وبالتالى فهو أصلح الأجهزة القادرة على مراقبة عمل الادارة فيما يخص منح التزامات استغلال موارد الثروة الطبيعية الموهوبة للشعب".
وقالت محكمة القضاء الإدارى فى حيثيات حكمها "إنه من الثابت من استعراض القرار المطعون فيه أنه فوض كل من رئيس مجلس ادارة الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية ورئيس مجلس إدارة الهيئة المصرية العامة للبترول فى إنهاء إجراءات التعاقد كطرف بائع للغاز الطبيعى مع شركة البحر الأبيض المتوسط ، وكطرف ثالث ضامن لكميات الغاز الطبيعى ومواصفاته ومدة التوريد فى عقود شركة شرق البحر الأبيض لمتوسط للغاز لتصدير الغاز الطبيعى من خلال خط أنابيب مع الشركات الواقعة فى منطقة البحر المتوسط وأوروبا بما فيها شركة كهرباء إسرائيل".
وأضافت المحكمة "أن هذا ما فوض وزير البترول كلا من الهيئة المصرية العامة للبترول والشركة القابضة للغازات الطبيعية فى العمل بموجبه دون عرض هذا الالتزام المرتبط باستغلال أحد أهم موارد الثروة الطبيعية فى البلاد على مجلس الشعب ، الأمر الذى يعد افتئاتا على اختصاص مجلس الشعب وسلطته المقررة دستوريا فى هذه الحالة".
وتابعت المحكمة فى حيثياتها قائلة إنه من ناحية أخرى فإن البادىء من الأوراق أن القرار المطعون فيه لم ينشر ، كما لم تنشر تفاصيل وشروط تصرف الهيئة المصرية العامة للبترول والشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية المتعلقة ببيع هذه الكميات الكبيرة من الغاز الطبيعى المصرى إلى شركة البحر الأبيض المتوسط ومنها لى اسرائيل.
وأشارت إلى أن ذلك يأتى بالرغم من مطالبة العديد من نواب الشعب والخبراء المتخصصين فى مصر بالاطلاع على تفاصيل هذه الصفقة ورغم الجدل الكبير الذى يدور فى الأوساط العلمية حول حجم الاحتياطى المصرى من هذه الثروة الناضبة على نحو ما ورد بالمستندات المقدمة من المدعى بالاضافة إلى ما نطقت به الأوراق من سرعة متناهية وتعاصر مريب فى إنشاء الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية وإنشاء شركة شرق لبحر الأبيض المتوسط وهى شركة مساهمة قطاع خاص وتعديل نشاط الشركة الأخيرة والغرض منها ثم منحها - فور ذلك - دون غيرها عقد عقد امتياز واحتكار شراء الغاز الطبيعى المصرى الذى يتم تصديره فى هذه الحالة إلى اسرائيل.
وأكدت المحكمة أن ما سلف ذكره يثير التساؤل عن أسباب ذلك التزامن العجيب وعن السرية والتكتم الشديد الذى فرضته الإدارة حول صفقة بيع الغاز المصرى لاسرائيل والمترتبة على صدور القرار المطعون فيه وحجب تفاصيلها عن الشعب ونوابه وذلك ما يتعارض مع الشفافية التى بات أمرها مستقرا فى ضمير الأمة والعالم المتحضر، ومع المسيرة الديمقراطية التى تشهدها البلاد ، كما أنه يخل بالثقة الواجب توافرها فى عاملات جهة الادارة.
خلفيات
وكان السفير إبراهيم يسرى (سفير سابق بالخارجية المصرية) قد أقام دعواه الصادر فيها الحكم المتقدم .. قائلا إن قرار وزير البترول رقم 100 لسنة 2004 الذى يسمح ببيع الغاز لإسرائيل ينتقص من السيادة الوطنية ومصالح مصر كونه يحدد سعر وكمية الغاز التى يتم تصديرها إلى إسرائيل ويمنع فى نفس الوقت أى تغيير فى هذه الاسعار لمدة 15 عاما، مشيرا إلى أن ذلك "يعوق التنمية الاقتصادية ويحرم البسطاء من المواطنين المصريين من الاستفادة بفروق الاسعار العالمية التى تصب فى مصلحتهم".
وقال إن مصر تخسر 9 ملايين دولار يوميا جراء هذه الصفقة ، وأن صفقة كهذه كان من الأجدر التعامل معها بعرضها أولا على مجلس الشعب لإبداء رأيه فيها بالموافقة أو الرفض على اعتبار أن الغاز المصرى ملك للشعب وليس لشركة خاصة .. خاصة وأن المدة المقدرة للغاز بمصر فى حدود 17 سنة بما يعنى أن صفقة كهذه فى حكم الاهدار للمال العام والثروة القومية.
وسبق لهيئة قضايا الدولة وللمحامين المتدخلين انضماميا فى صف وزارة البترول - فى الجلسة الماضية - أن دفعوا بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى لكون المدعين غير ذى صفة، فضلا عن ان مجلس الدولة - حسبما قالوا - ليس من اختصاصاته بحسب القانون التدخل فى أمور سيادة الدولة.
وكان مقيمو الدعوى قد أشاروا فى دعواهم إلى أن مصر وقعت اتفاقية تقضى بتصدير 7 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعى لأسرائيل على مدار 15 سنة قابلة للتجديد بسعر منخفض للغاية لا يتجاوز دولارا وربع الدولار فى حين أن قيمته السوقية تزيد على 9 دولارات وذلك فى الوقت الذى قامت فيه الحكومة مؤخرا برفع أسعار المحروقات من بنزين وسولار فى السوق المحلى.