القانون المصرى وعمالة الأطفال
المبحث الأول العمالة الصغيرة فى تشريعات ما قبل 1952
معروف أن تشريعات العمل فى مصر حديثة النشأة ، ولم يكن القانون المدنى القديم الصادر عام 1883 يتضمن سوى خمس مواد تنظم العلاقات الناشئة عن عقد العمل (المواد 401 - 405) وكانت هذه المواد تتناول عقد العمل كجزء من عقد الإيجار. ولهذا سمى (عقد إجازة الاشخاص)، كما لو كان العامل شيئاً مثله مثل أعيان أى عقار، (يمكن مقارنة هذه المواد الخمسة بما حظى به عقد العمل من اهتمام فى القانون المدنى الحالى الصادر فى يوليو 1978 والمعمول به ابتداء من 15 أكتوبر 1949 والذى يتضمن فى هذا الشأن 25 مادة).
لم يتدخل المشرع لحماية العمال الا فى حدود تافهه، محدودة الأثر، وذلك إعتباراً من أواخر العقد الأول من القرن العشرين . إذا ظل العمال يعانون من طول وقت عملهم وضألة أجورهم، وتعرضهم لحوادث العمل وأمراض المهنة دون حصولهم على علاج أو أجازات مرضية مدفوعة الأجر ولم تمنح لهم هم أو عائلاتهم عند التقاعد أو العجز أو الوفاة معاشات من أى نوع، أو حتى مكافأت نهاية الخدمة.
وكان صاحب العمل مطلق الحرية فى تشغيل العمال أو الاستغناء عنهم (حرية الاستخدام وحرية الفصل) . بالإضافة إلى ذلك ، كان يجرى إستخدام أعداد كبيرة من الأطفال فى المصانع، خاصة تعالج كألج القطن.. وقد كثرت بينهم الحوادث والوفيات. تشير بعض التقريرات إلى أن عدد الأطفال العاملين فى الصناعة بمدينة القاهرة وحدها فى مطلع القرن العشرين ، كان يبلغ 100 الف عامل صغير.
ولهذا كتب الزعيم الوطنى الراديكالى محمد فريد عام 1908 يقول (للأن لا يوجد بمصر قوانين خاصة بحماية العمال ، ولا قوانين تعين سن العمل ، ولا عدد الساعات التى يجب أن يقضيها العامل فى الشغل ، فنجد العمال مثقلى الكواهل بلا رحمة ، خصوصاً فى معامل الدخان ومعامل حلج القطن، حيث يشتغل الأطفال ذكوراً وإناثاً فى وسط من أرادا الأوساط من الوجهة الصحية والأدبية).
وتحت ضغوط العمال وذوى الاتجاهات الاصلاحية ، اضطر المشرع إلى التدخل لوضع إجراءات حمائية لأكثر الفئات العمالية ضعفاً ، والتى يسهل إنتهاك حقوقها ، وهى فئة الأطفال أولاً ثم النساء ثانياً. وكان هذا التدخل يستهدف الحفاظ على حياة وصحة العمال (تجديد قوة العمل) سواء بوضع سن أدنى العمل ، أو تحريم العمل ليلاً، أو التشغيل فى بعض الأعمال الشاقة والخطرة. وفيما يتعلق بالعمال الصغيرة لم يصدر قبل ثورة 52 سوى تشريعين لتنظيمها وقد ظل أحد التشريعين ناقداً حتى بعد قيام الثورة بسبعة أعوام
وفيما يلى توضيح ذلك :
** القانون رقم 14 1909 بشأن تشغيل الأطفال فى معامل حلج القطن
يعد هذا التشريع أول تشريع عمال يصدر فى مصر. ويلاحظ أنه لم يتناول سوى عمالة الأطفال فى كالج القطن ، فلم يمتد إلى باقى الانشطة الصناعية أو إلى الزراعة أو التجارة أو الخدمات. كما أنه وضع حداً أقضى سن الطفولة التى يشملها بحمايته 13 سنة ، ولم تمتد الإجراءات الحمائية إلى من هم أكبر سناً.
** لماذا .. معامل حلج القطن؟
كان عدد الأطفال الذين التحقوا بمصانع حلج القطن كبيراً للغاية. وكانوا يعملون بها فى سن مبكر إبتداء من سن السادسة) ووقت عملهم كان طويلاً ومرهقاً حيث تراوحت ساعات العمل اليومى ما بين 13 - 16 ساعة بدون انقطاع . وازدادت خطورة أعمالهم بعد إدخال الماكينات فى هذه الصناعة، ووقوع حوادث عمل لأقل الأطفال سناً وخبرة نتيجة إمساكهم بكابلات الكهرباء أو السكاكين المدببة فى ماكينات الحلج. هذا بخلاف تفشى السل وإزدياد نسبة الوفيات بينهم.
ولمواجهة هذه المخاطر لجأ المشرع إلى حظر تشغيل الاطفال فى تلك المصانع فى سن معين، وتنظيم عملهم إذا تجاوزوا هذه السن، مع إلزام أصحاب العمل بإجراء الرقابة على سير العمل فى مصانعهم للحد من حوادث العمل، وفرض عقوبات عليهم عند إخلالهم لهذه الأحكام، بل ومد نطاق هذه العقوبات إلى الخولى الذى يقوم بتوريد العمال وأقارب الطفل نفسه.
** وجهان للحماية
تخلص أحكام هذا التشريع محدود النطاق الأثر فى أمرين:-
الأول : حظر عمل الأطفال دون 5 سنوات:
يمنع القانون عمل الأطفال فى محالج القطن قبل بلوغهم 9 سنوات من عمرهم ، أو حتى دخولهم عنابر العمل. وتقع المخالفة بمجرد مشاهدة الأطفال فى العنابر حتى ولو لم يتم التحقق من قيامهم بالعمل فعلاًُ.
الثانى : تنظيم عمالة الأطفال ما بين 9 - 13 سنة :
إقتصرت الحماية التى يفرضها القانون على الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 9 - 13 سنة، وذلك وفقاً للأحكام التالية:
1- استخراج شهادة تتيح للطفل الالتحاق بالعمل، مبنياً بها سنة ولياقته صحياً لأداء العمل، وذلك عن طريق طبيب أقرب مركز للمصنع . ويجوز لمفتشى العمل سحب هذه الشهادة إذا تبين له أن الطفل غير مؤهل للعمل زم .
2- تحريم عمل هؤلاء الأطفال ليلاً (ما بين الساعة 7 مساء والساعة 7 صباحاً)
3- حظر دخولهم اماكن وجود (دولاب الحلج) المسمى (غربال العفريته) للحد من الحوادث التى كانت تقع لهم نتيجة إدخال اصابعهم فى فتحات المنخل المتحرك مما يؤدى إلى بترها بفعل السكاكين التى فى المناخل.
4- وضع حد أقصى لوقت العمل 8 ساعات يومياً مع تعليق جدول بشأن ساعات عملهم فى المصنع.
ولم يكن تعليق هذا الجدول يجدى شيئاً بسبب الحلج ، وتكالب العمال بمختلف أعمارهم على العمل لهذه المصانع بأى أجر، وتحت أى ظروف، وبدون الاستفادة من إجراءات الحماية المقررة لهم.
وجدير بالذكر أنه لم تكن فى ذلك الوقت (1929) قد صدرت أى اتفاقيات عمل دولية بشأن عمالة الأطفال ، حيث أن أول اتفاقية صدرت فى هذا الشأن كانت عام 1921 بعد انشاء منظمة العمل الدولية سنة 1919.
** القانون 48 لسنه 33 بشأن تنظيم عمال الأطفال فى الصناعة
منذ صدور أول تشريع لعمالة الأطفال سنة 1909 ، ولمدة ربع قرن تقريباً ، لم يهتم المشرع بتنظيم عمل الأطفال خارج معامل حلج القطن، رغم زيادة عدد الأطفال المشتغلين فى صناعات الغزل والنسيج والحياكة والصابون والسماد والزجاج.. الخ، وذلك لرخص عمالتهم وسهولة خضوعهم لأوامر صاحب العمل.
ولهذا أبدأ المشرع فى التدخل عام 1933 لتنظيم عمل الأطفال فى مجال الصناعة ، فإصدر (القانون 48 لسنه 33 الخاص بوضع نظام لتشغيل الأحداث من الذكور والأناث فى الصناعة).
وقد ظل هذا القانون هو التشريع الوحيد المعمول به فى شأن عمال الأطفال حتى صدور قانون العمل الموحد عام 1959.
** نطاق سريان القانون:
أ- تقتصر الحماية المقررة فى هذا القانون على الأطفال العاملين فى الصناعة فقط، دون أن تمتد إلى المجالات الأخرى من زراعة أو تجارة أو خدمات، وهو ما يعنى أن غالبية الأطفال المشتغلين ظلوا بلا حماية. هذا بينما كانت الحماية المقررة للنساء بالقانون 80 لسنه 1933 تتسع لتشمل إلى جانب الصناعة المحال التجارية وملحقاتها.
ب- ويضع القانون حداً أعلى لسن الأطفال العاملين المشمولين بالحماية 15 سنة ولكن إستثناء من ذلك لا يجوز تشغيل الصبية أقل من 17 سنة فى الصناعات الخطرة 20 صناعة وردت حقاً فى القانون) واهمها المناجم والمحاجر والمدابغ وأفران صهر المعادن والمفرقعات والأسفلت والكاوتشوك واللحام والأكسجين والدوكو وفيما عدا هذا الخطر لا توجد أى أحكام خاصة بتنظيم عمل الأطفال فيما بين 15 - 17 سنة
** صورتان للحماية:
اولاً : تحريم عمل الأطفال اقل من 12 سنة:
- أخذ القانون بقاعدة عامة ظلت سارية حتى وقت قريب، وكانت تنظيمها تشريعات العمل التالية بما فى ذلك قانون العمل 137 لسنه 81 ، وهى وضع حد ادنى لسن الطفولة العاملة لا يقل عن 12 سنة ، فلا يجوز تشغيلهم الطفل قبل هذه السن أو حتى السماح لهم بالدخول إلى أماكن العمل . وبهذا يكون هذا القانون قد رفع سن العمل من 9 سنوات فى التشريع الأسبق إلى 12 سنة.
- وإستثناء من ذلك، يجوز تشغيل الطفل ما بين 9 - 12 سنة فى بعض الصناعات مثل الغزل والنسيج والحياكة سواء كانت يدوية أو ألية، وكذا صناعة السجاد والأحذية والمكانس والحصر والخيام والسلال وتعبئة الحلوى وكى الملابس وتجليد الكتب .. الخ . ويلاحظ أن صناعة الغزل والنسيج التى سمح بالعمل فيها للأطفال من 9 سنوات كانت أخذه فى أن تكون أكبر وأوسع الصناعات إنتشاراً.
- والأخطر من ذلك ، أن القانون أجاز للأطفال أقل من 9 سنوات الاشتغال فى أعمال تتناسب مع قوتهم البدنية بحجة تأهيلهم لتعلم صناعة أو حرفة ، دون أن يحدد هذه الأعمال حصراً.
وبهذا يكون القانون قد فتح الطريق لإنتهاك مبدأ الحد الأدنى لسن العمل عن طريق تلك الاستثناءات الخطيرة، فضلا عن أن الحد الأدنى لسن عمالة الأطفال وهو 12 سنة كان يتعارض مع المعايير الدولية المقررة لعمل الأطفال أنذاك. أنذاك . إذ أن أول اتفاقية لعمالة الأطفال (فى الصناعة) رقم 5 لسنه 1921 كان تجعل أدنى سن للعمل 14 سنة فى المنشأت الصناعية مع استثناء العمل العائلى، وقد الغى هذا الاستثناء بالتوصية رقم 520 لسنه 37 هذا وقد تم رفع هذه السن فى الصناعة أيضاً إلى 15 سنة فى الأتفاقية رقم 59 لسنه 1937. ثانيا: تنظيم عمل الأطفال دون 15 سنة:
تولى القانون تنظيم عمل الأطفال أقل من 15 سنة طبقاًُ للأحكام التالية:
1- حظر تشغيل هؤلاء الأطفال ليلاً، ما بين الساعة 9 مساء حتى الخامسة صباحاً هذا بينما كانت فترة الليل فى التشريع السابق تبدأ الساعة السابعة مساء.
2- تقرير راحة اسبوعية لا تقل عن 24 ساعة أسبوعياً، دون تحديد يوم معين لهذه الراحة.
3- وضع حد أقصى لساعات العمل 7 ساعات يومياً للطفل ما بين 9 - 12 سنة ، وزيادته إلى 9 ساعات للطفل ما بعد هذا السن وحتى 15 سنة .
وتتخلل هذه الساعات ساعة واحدة للراحة والطعام لا تحتسب من وقت العمل . ما الأطفال من 15 سنة فإعلى ، فإنه يجرى تشغيلهم نفس ساعات عمل عمل الكبار دون تميزهم بوضع خاص .
ويلاحظ أن وقت العمل الأسبوعى للأطفال ما بين 12 - 15 سنة كان يبلغ 54 ساعة بينما أخذت منظمة العمل الدولية عقب الحرب العالمية الأولى بمبدأ 48 ساعة عمل فى الأسبوع.
4- حظر تشغيلهم إلا إذا كانت لديهم شهادة صحية تدلى على لياقتهم للعمل فى 25 صناعة وردت حصراً فى القانون مثل صناعة الأسمنت والأسمدة والدخان والسكر والزجاج والبوية.
5- تولى القانون تنظيم عمل الأطفال أقل من 15 سنة طبقاً للأحكام التالية:
1- حظر تشغيل هؤلاء الاطفال ليلاً، ما بين الساعة 9 مساء حتى الخامسة صباحاً . هذا بينما كانت فترة الليل فى التشريع السابق تبدأ الساعة السابعة مساء.
2- تقرير راحة اسبوعية لا تقل عن 24 ساعة اسبوعياً، دون تحديد يوم معين لهذه الراحة.
3- وضع حد أقصى لساعات العمل 7 ساعات يومياً للطفل ما بين 9 - 12 سنة، وزيادته إلى 9 ساعات للطفل ما بعد هذه السن وحتى 15 سنة. وتخلل هذه الساعات ساعة واحدة للراحة والطعام لا تحتسب من وقت العمل.
أما الأطفال من 15 سنة فأعلى، فإنه يجرى تشغيلهم نفس ساعات عمل الكبار دون تميزهم بوضع خاص ويلاحظ أن وقت العمل الأسبوعى للأطفال ما بين 12 - 15 سنة كان يبلغ 54 ساعة بينما اخذت منظمة العمل الدولية عقب الحرب العالمية الأولى بمبدأ 48 ساعة عمل فى الأسبوع.
- حظر تشغيلهم إلا إذا كانت لديهم شهادة صحيحة تدل على لياقتهم للعمل فى 25 صناعة وردت حق أن القانون مثل صناعة الأسمنت والأسمدة والدخان والسكر والزجاج والبوية.
5- اغفل القانون وضع حد أدنى لأجور العمال صغار السن أو لكبارهم اعتباراً من سنة 1942ن ولكن القانون الذى نحن بصدده حظر معاملة الأطفال ما بين 9 - 12 سنة بنظام الأجر بالقطعة، أو عمل مسابقات بينهم للمنافسة حول زيادة الأنتاج.
**أحكام جزئية
لم يصدر خلال الفترة السابقة على ثورة 52 أى تشريع أخر لتنظيم عمل الأطفال بخلاف القانون 48 لسنه 33، ولكن صدرت بعض التشريعات التى تناولت مسائل جزئية تمس عمالة الأطفال وهى:
1- الحد الأدنى للأجور:
شهد عام 1942 أول نص تشريعى يضع حد أدنى لأجور العمال فى المحلات الصناعية والتجارية أو صدر الأمر العسكرى رقم 358 لسنه 42 الذى جعل هذا الأجر بالنسبة للعمال الكبار (البالغ عمرهم 18 سنة ) بم فى ذلك علاقة تملاء المعيشة ) 7.5 قرشاً فى اليوم . فإذا كان سن العامل أقل من 18 سنة جاز انقاص أجره بمقدار نصف قرش عن كل سنة بحيث لا يقل فى كل الأموال عن 5 قروش.
وصدر الأمر رقم 451 لسنه 43 جاعلاً هذا الأجر 8.5 للعمال الكبار، 6 قروش للعمال الأطفال وبموجب الأمر 548 لسنه 44 زاد الأجر إلى 10 قروش للكبار 8.55 للصغار وفى عام 1944 صدر أول تشريع يضع حداً أدنى لأجور عمال الزراعة (بمديرتى قناة واسوان فقط) حيث جعله للعمال الكبار 10 قروش وللصغار 5 قروش.
2- الحد الأقصى لساعات العمل:
أسلفنا القول با، الحد الأدنى لساعات عمل الأطفال فى الصناعة كان لأساعات للطفل ما بين 9 - 12 سنة، 9 ساعات للطفل ما بعد ذلك حتى 15 سنة وفى يونيو 46 اصدر إسماعيل صدقى القانون رقم 72 لسنه 46 بوضع حد اقصى لساعات العمل فى المحلات التجارية ودور العلاج 9 ساعات يومياً، لا تدخل فيها الفترات المخصصة لتناول الطعام والراحة، دون أن يخص العمال الصغار بأى وضع متميز.
وبهذا يكون الحد الأقصى لساعات عمل الأطفال ما بين 12 - 15 سنة 9 ساعات يومياً فى الصناعة والتجارة على حد سواء .
3- فترة الأختبار:
حين صدر قانون عقد العمل الفردى رقم 41 لسنه 1944 (أول تشريع للعمل قبل 52 ) لم يتضمن أية أحكام بشأن عمالة الأطفال سوى ما يخص فترة الاختبار .
فالعامل أقل من 17سنة أذا التحق بعمل يظل تحت التمرين أو الأختبار لمدة سنتين، يحق لصاحب العمل خلالها أن يفصله لعدم الصلاحية وكانت مدة الاختبار للعمال أزيد من هذه السن 6 شهور .
4- الحماية النقابية :
حين صدر أول قانون يعترف بالنقابات (القانون 85 لسنه 1942) جاء متضمناً حكمين خطيرين:
الأول: يحرم عمال الزراعة من تكون النقابات .
الثانى: يجعل سن الانضمام للنقابة 15 سنة ومؤدى ذلك أن الأطفال المشتغلين فى الزراعة عموماً، والأطفال العاملين فى كافة الأنشطة الأخرى دون سن 15 سنة محرومون من الأنضمام إلى نقابة تدافع عنهم، وتحميهم من استغلال وتسلط أصحاب العمل.
** المبحث الثانى العمالة الصغيرة فى تشريعات ما بعد 1952
لم يطرأ تغيير جذرى على وضع عمالة الأطفال بعد ثورة يوليو 52، رغم الأصلاحيات الاجتماعية الكبرى التى ادخلتها الثورة على الواقع واحوال الطبقات الشعبية خاصة فى مجال علاقات العمل، والتى دفع العمال ثمنها الباهظ من حريتهم السياسية والنقابية، حيث نالوا الخبز وفقدوا الحرية، تسحنت أوضاعهم الاقتصادية وتلظوا فى جحيم الإستبداد . ففى أعقاب الثورة مباشرة اصدر الحكام الجدد قانون عقد العمل الفردى رقم 317 لسنه 52 الذى لم يتضمن احكاماً خاصة بعمالة الأطفال.
يوصف عقد العمل بأنه فردى لأنه لا ينعقد الا بين فردين هما العامل وصاحب العمل تمييزاً له عن عقد العمل المشترك الذى يبرم بين منظمات العمال وصاحب عمل أو اكثر يقصد وضع حد أدنى من شروط العمل لا يجوز النزول عنها فى عقود العمل الفردية).
وفى عام 1959 وفى ظل سيطرة القطاع الخاص قبل حركة التأمينات الكبرى فى الستينيات صدر قانون العمل الموحد رقم 91 لسنه 1959 ليعيد تنظيم عمل الأطفال بعد الغائه القانون 48 لسنه 1933. وقد ظل هذا التنظيم للعمال الصغيرة نافذا حتى عام 1981 (أى مع قرب نهاية حكم السادات)، حيث صدر فى ذلك العام تشريع جديد هو قانون العمل الحالى رقم 137 لسنه 81 .